نحو تحرير الجولان.. نحو سحق الفساد..

يتصاعد خط الأحداث في سورية يوماً بعد آخر، ويأخذ منحىً تراجيدياً.. يعلو صوت السلاح، وتسيل الدماء مستدعية دماءً جديدة، وندخل بسرعة كارثية في الحلقة المفرغة، حلقة السلاح والدماء. تضيق المنافذ، وتكاد تنغلق نهائياً، والأفق رماديٌ والضباب كثيف..

يلح على كل وطني سؤالٌ صعب: هل تبقّى من حلٍ سوى إسقاط النظام؟ أي نظام؟ وما هو النظام؟؟.

يأخذ النظام السياسي في سورية شكلاً متضخماً، بحيث ينضوي في عداده أكثر من أربعة ملايين سوري، ولسنا هنا في إطار تفسير سبب ذلك التضخم وإنما في التعامل معه كمعطى واضح، ذلك إذا تقيدنا بالتعريف الاصطلاحي للنظام السياسي الذي يضم إلى جانب السلطة التنفيذية الجيش والأمن واتحاد نقابات العمال واتحاد الفلاحين والأشخاص المرتبطة معيشتهم عضوياً بجهاز الدولة... وفي تحليل تركيب النظام علينا أن ندرك أن بقاءه متماسكاً حتى الآن يعني بالضبط أن أولئك الأربعة ملايين سوري لا يجدون مصلحة حقيقية لهم بإسقاط النظام، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر فإن قسماً لا بأس به من المجتمع لا يزال صامتاً ليس لأنه خائف وإنما لأنه غير مقتنع تماماً بأن الحل يتمثل بإسقاط النظام. فما هو الداعي وراء هذا التخبط؟ وما هو السر في غياب الفرز الحقيقي؟

هل لدى أحد شك بأن أربعة الملايين السوريين المحسوبين على النظام ليسوا راضين بما يحدث؟ وهل يتوهم أحد أنهم مستفيدون من الفساد المستشري في جهاز الدولة؟، هل مستفيدٌ من الفساد جاري الموظف بالأمن ولا يمر أسبوع إلا ويأتي إلى بيتنا ليطلب بعض البن لضيف طارئ؟ بالطبع ليس مستفيداً لكنه ما يزال يعتبر نفسه جزءاً من النظام ومدافعاً عنه.. لا لشيء سوى لأن الفرز لم يوضع على سكته الصحيحة، لأن الجزء الفاسد من النظام وإن كان صغيراً كمياً، إلا أنه ذو ذراع طويلة ظهرت قذارتها بالتعامل الأمني غير المبرر في كثير من الأحيان، وظهرت قبل ذلك بتطبيق السياسات الليبرالية رغماً عن أنف المجتمع السوري ورغماً عن أنف جاري الذي يشتغل بالأمن.. وعلى الضفة المقابلة فإن أغلبية الشخوص التي تدعو لإسقاط النظام وتحديداً تلك التي في الخارج ليست مقبولة لدى المجتمع السوري لأن في ماضيها ما يكفي من عمالة واضحة ومستترة.. ومن هنا تتأكد مع سير الوقائع حقيقة أن هنالك جهتين تحاولان امتطاء الحركة الشعبية الوليدة: الفساد الكبير داخل جهاز الدولة، وبرجوازية الاستيراد والتصدير خارجه، والأكثر دهاءً أن ما يتضح اليوم هو أن لكليهما معلماً أمريكياً واحداً يقودهما إلى الفتك ببعضهما مستخدمين دماء الناس نحو تفتيت البلد وإسقاط مشروعها التحرري، كخطوة في إسقاط المنطقة كلها وسحبها إلى الفيء الأمريكي-الصهيوني العفن، والمخطط إياه جارٍ على قدم وساق ونذر الحرب الأهلية الطائفية تزداد وضوحاً، وتزداد المسؤولية التاريخية على كاهل الوطنيين في المجتمع وفي جهاز الدولة وتتناقص إمكانية الحل الوطني بسرعة هائلة، لذا فأين السبيل؟؟

ما الذي يوحد السوريين؟

ينبغي حرف دفة الصراع نحو ما يوحد الشعب السوري.. وأعتقد أن قضيتين أساسيتين توحدانه هما: الجولان، وسحق الفساد..

تتطلب القضية الأولى صياغة موقف مقاوم حقيقي، إذ لم تعد الممانعة كافية لهذه المرحلة، ويتمثل هذا الموقف بإطلاق المقاومة الشعبية المسلحة التي عبّر الشبان الفلسطينيون والسوريون على أعتاب الجولان المحتل عن حاجتهم القصوى لها، بالمقدار ذاته الذي عبروا من خلاله عن إقدامهم وشجاعتهم التي لا يحيطها وصف، وعن وطنيتهم التي لا يمتلكها أحد، ولا يحق لأحد كائناً من كان أن يزاود عليهم فيها، وهؤلاء أنفسهم سيطلقون المقاومة شاء من شاء وأبى من أبى، لذا فعلى الوطنيين في النظام تبنيها ومساندتها وإلا عزلوا خارجها، وعلى الحركة الشعبية أن تضيف إلى مطالبها الأساسية مطلب تحرير الجولان وأن تتحرك باتجاهه، وعليها أن تعي أن هذه الجبهة ليست كما يتوهم كثيرون منفذاً يخلص النظام، إنما هي حل لسورية ينقذ المجتمع السوري وينقذ الوطنيين داخل النظام، ويعلق مشانق الفاسدين الكبار، ويطهر الدولة السورية منهم، الدولة التي ليست ملكاً لأي نظام وإنما هي دولة الشعب السوري التي ترتكز جذورها الثقافية عميقاً في التاريخ، وعلى الحركة الشعبية ألا تكتفي بالتطلب بل أن تتحرك باتجاه تعميق هذا المطلب وتقديم كل ما يلزم لتحقيقه..

وفي شأن الفساد فإن على الوطنيين داخل النظام التحرك باتجاه ضربه من جذوره، وإن لم يجدوا في أنفسهم القوة اللازمة، فإن المجتمع سيساندهم وسيدعمهم وسيشد على يدهم ويلقي بدمائه الطاهرة بين أيديهم في معركة واضحة المعالم، معركة وطنية من طراز رفيع يقف فيها الوطنيون داخل جهاز الدولة وفي المجتمع في خندق واحد، ويقف في الخندق الآخر المشروع الصهيوني-الأمريكي متمثلاً بالفاسدين الكبار وبالعدو الصهيوني وأذياله في الداخل والخارج..

نحو سحق الفساد..

نحو تحرير الجولان..

نحو إنقاذ سورية!!