الفاسدون قلقون على رغيفنا!!

استمر هجوم بعض أوساط النظام على ممثلي الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير في مجلس الشعب وفي الحكومة، والظريف في هذا الهجوم أنه وصل مؤخراً إلى المطالبة بالتنحي!!.. «إن لم تستطيعوا حل مشاكل الناس عليكم بالتنحي».. ويخاطبون الجبهة قائلين: «إن كانت حجتكم هي أنكم أقلية في مجلس الشعب وفي الحكومة والأكثرية تعيقكم، فلن تستطيعوا تحقيق شيء لأنكم أقلية، لذا انسحبوا..»

يفوح من الكلام السابق رائحة المادة الثامنة القديمة ورائحة فكرة «الحزب القائد»، ويعبر في مضمونه عن عدم قدرة أصحاب هذه الأقوال على استيعاب حقيقة أن البلد لم تعد كما كانت، وحقيقة أنها في تغير مستمر، حقيقة أن فضاءً سياسياً كاملاً يوارى الثرى، ويتخلق فضاء سياسي جديد..

لا تتعدى المعالجة السابقة الجانب القانوني والشكلي من المسألة، بالمقابل فإن دخول الجبهة مجلس الشعب كان خطوة باتجاه الحل السياسي الذي لا يمكن حل أية مشكلة اقتصادية دون انطلاقة، ومن ثم جاء دخول الحكومة في السياق ذاته وعلى أساس بيان حكومي ركنه الأساس الخروج من الأزمة بالحوار والحل السياسي، الأمر الذي لم يعر الفاسدون بالاً للسؤال عن التزام الحكومة به، ويعملون جهدهم في المقابل لتأخير الحوار وتعطيله، ويهللون لدمار سورية.. 

إن كان هذا جانباً من المسألة، فالأمر في جوهره أعمق من ذلك، إن الهجوم باسم (الرغيف والمازوت والغاز) أصبح ورقة التوت التي يغطي بها الفاسدون عوراتهم، والمنطق يقتضي أن الهجوم، إذا كان بريئاً، فيجب أن يشمل وزارت عدة كالصناعة التي توقف في عهدها نصف الإنتاج الصناعي، والزراعة التي خرج في عهدها 40% من الأراضي الصالحة للزراعة من عملية الإنتاج، والنفط التي تعجز عن تأمين حاجة الناس من مازوت التدفئة، والمصرف المركزي الذي لم تستطع سياساته وقف تدهور سعر الصرف، والداخلية التي لم تستطع تأمين طرق الإمداد بالقدر الكافي، والخ.. والخ.. هجوم الفاسدين والمتشددين باسم الرغيف على ممثلي الجبهة لا يعدو كونه هراءً و«بيع وطنيات».. والناس تفهم ذلك.. لكن لماذا؟

إن هجوم الفاسدين وأصحاب عقلية الحل الأمني والعسكري البحت والأبناء المخلصين لمادة «الحزب القائد» ينفي عنه صفة الهجوم من أجل مصلحة الناس، ويضعه في مكانه الصحيح.. الهجوم على الحل السياسي وعلى الحوار وعلى المصالحة الوطنية وعلى المخرج الآمن الذي تمثل الجبهة الشعبية اليوم أقوى المدافعين عنه، ولأنه ليس ممكناً الهجوم على فكرة الحوار كما في السابق، فلنهاجم أصحابه من زاوية أخرى، هذا منطق الفاسدين وهذه طريقة عملهم. إذا راجعنا أسماء فطاحل المحللين السياسيين الذين يحملون راية الهجوم على الجبهة، لوجدنا أنهم هم أنفسهم «صقور: لا للحوار» قبل أشهر ليست بالبعيدة..

إن مصير سورية وشعبها أهم بما لا يقاس من هؤلاء الأشخاص، ومصلحة الشعب السوري تقتضي الذهاب الفوري إلى الحوار، والذين يعارضون ذلك عليهم التنحي، وعلى الشعب السوري والوطنيين في كل موقع أن يحاصروهم ويعزلوهم وصولاً إلى إقصائهم..