بيان من الشيوعيين السوريين «بمناسبة الأول من أيار»
أيها العمال وجميع الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم!
أيها العمال وجميع الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم!
يواجه العمال واحدة من أكبر التحديات على الإطلاق: إذ كيف يناضلون في عصر العولمة عندما تهدد الشركات بنقل أغلب عمليات الإنتاج إلى خارج الحدود للتمكن من دفع أقل قدر ممكن من الأجور.
القضايا العمالية أمام القضاء كثيرة، حيث يلجأ العمال عادةً إلى المحاكم للفصل بها بعد أن يصلوا إلى طريق مسدودة للحصول على حقوقهم، نتيجة التطبيقات المغلوطة للقوانين الناظمة لحقوق العمال، التي تأتي التفسيرات، وملحقات القوانين الصادرة عن الجهات الوصائية، لتبقى تلك الحقوق معلقة بين ما يجوز إعطاءه للعمال، وما لا يجوز، وهذا ما يجعل الإدارات تفسر النصوص كما يحلو لها، وحسب مزاجية هذه الإدارة أو تلك، كما هو حاصل في تطبيق طبيعة العمل الواردة في نص القانون (50) لتأتي تفسيرات القانون لتقزّم هذا الحق إلى الحد الأدنى دون النظر بطبيعة المهنة مثل عمال المناجم الذين يعملون بعمق عشرات الأمتار تحت سطح الأرض، حيث يتعرضون لأمراض ومخاطر حقيقية تختلف عن مهنة أخرى يعمل عمالها فوق سطح الأرض، وبالتالي لا يمكن وضع الجميع في كفة واحدة من حيث التعويضات.
مرّ الأول من أيار لهذا العام كأي يوم عادي من الأيام دون أن يكون مميزاً لدى الطبقة العاملة السورية، وهي التي خاضت النضالات الباسلة، منذ البدايات الأولى لتشكلها كطبقة تواجه مستغليها، ومستعبديها عارية الصدر، لكن بشجاعة، وهي التي بدأت براعمها الأولى بالنمو، والتجذر في تربة الوطن مع بداية نمو مقاومة شعبنا للمحتل الفرنسي، حيث كبرت هذه الطبقة جنباً إلى جنب، مع تطور نضالها لتشق طريقها الصعب نحو بناء إطارها التنظيمي (نقاباتها)، ليكون هذا التنظيم سلاحاً يستخدمه العمال في تنظيم أنفسهم لمواجهة الحكومات وأصحاب الرأسمال المتحدين في مواجهة العمال وحقوقهم. قال عبد القادر العظم عميد معهد الحقوق سنة 1940 في معرض وصفه للمظاهرات العمالية: (... نفس اليوم الذي يعلن فيه الإضراب لينتشر العمال في الشوارع والأزقة كأسراب الوحوش الضارية، فينشأ عن حركتهم هذه شغب كبير يخل السير في الطرقات)..
شهدت الطبقة العاملة على الصعيد العالمي تبدلات نوعية بأوضاعها، من حيث حقوقها وأجورها، والخدمات المقدمة لها، نتيجة التقدم الذي أحرزته القوى الامبريالية، وخاصة الأمريكية على الصعيد العالمي، وسيادة القطب الواحد، مما مكّن القوى الامبريالية من شن هجوم كبير على حقوق العمال ومصالحهم، وأفقدهم الكثير من مكاسبهم التي حققوها بفعل نضالهم البطولي الذي خاضوه على الصعيد الكوني، خاصة في الدول الامبريالية، حيث كانت النقابات، والاتحادات العمالية، وكذلك الأحزاب اليسارية وفي مقدمتها الأحزاب الشيوعية، أكثر إيماناً بقدرة الطبقة العاملة على مواجهة قوى الرأسمال، ومراكزه المالية، وانتزاع الكثير من الحقوق والمكاسب، وخاصة، ما يتعلق بقضية الأجور مستخدمين السلاح الأمضى، والسلاح الأكثر فاعلية في انتزاع تلك الحقوق، ألا وهو سلاح الإضراب، الأمر الذي أدى إلى انتزاع الكثير من المطالب، وذلك لتضافر عدة أسباب:
لا ترى حكومة زمرة القتل والجريمة، كما هو ديدن كل الحكومات العميلة في كل زمان ومكان، أي فرق بين المطالب المعيشية والمطالب السياسية، وذلك لأن السيد واحد والعميل واحد، والمقموع والقامع هو ذاته على الرغم من تعاقب الأعوام واختلاف المواقع والأماكن، فان مطالب اليوم في البصرة تكاد تكون ذاتها في كاورباغي قبل أكثر من60 عاماً ؛ زيادة الاجور، توفير السكن، أو قطعة أرض، بعض العدل في مجال الخدمات، وتوزيع الحقوق وما إلى ذلك.
أبو عبدو عامل نول يعمل منذ عشرين عاماً في نسيج الصناعة (الشماخ، أو الحطة)، أقفل المعمل أبوابه، حيث كان يعمل، دون سابق إنذار، أو إخبار، وفي حالة كهذه فإن صاحب العمل يجب أن يُعلم وزارة الصناعة، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والنقابة، ولكن هذا لم يحصل، وأصبح مصير عمال هذا المعمل، وعائلاتهم في مهب الريح، وهذه حال الكثير من المعامل الصغيرة التي تغلق أبوابها، لأنها لا تقوى على منافسة ما يأتي من بضائع مشابهة من دول أخرى كالصين أو الهند عن طريق الإمارات.
يبدو في هذا الوقت أن أسهل ما يمكن عمله بالنسبة لإدارات الشركات الإنشائية، هو الاعتداء على أموال العمال، وجعلها وقفاً لهم يتصرفون بها على هذا الأساس ضاربين بعرض الحائط حق العمال في الاستفادة من أموالهم المقتطعة من أجورهم، وبالتالي من لقمة أطفالهم، الذين يعانون كما يعاني آباؤهم من ضعف الأجور التي وضعتها الحكومة في ثلاجة درجة حرارتها منخفضة جداً، وتحتاج هذه الأجور لدرجة حرارة عالية كي تتلحلح، لتلبي حاجات العمال المعاشية المختلفة.
تشهد الهند اعتصامات وإضرابات عمالية ضمت حوالي 150 مليون عامل عبر البلاد، وفي هذا السياق من المفيد ان نقدم معلومات حول أوضاع الطبقة العاملة في الهند..
سعت نقابة عمال المصارف باتجاه الدفاع عن عمال المحال التجارية والبالغ عددهم عشرون ألف عامل وعاملة، حيث تقدم العمال بشكوى إلى النقابة طالبين مساعدتهم في شكواهم التي تقول بأن أرباب العمل يجبرونهم على العمل 12 ساعة يومياً وفقاً لقرار محافظة دمشق بالفتح والإغلاق للمحلات التجارية صيفاً وشتاءً حيث لا يتقاضى العمال أجوراً إضافية عن فترة عملهم مما يعتبر انتهاكاً لقانون العمل ولمادته (114) التي تنص (لا يجوز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من ثماني ساعات في اليوم الواحد أو 48 ساعة في الأسبوع ولا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطعام والراحة).