قرارات قضائية.... ولكنها مخيبة لآمال العمال

القضايا العمالية أمام القضاء كثيرة، حيث يلجأ العمال عادةً إلى المحاكم للفصل بها بعد أن يصلوا إلى طريق مسدودة للحصول على حقوقهم، نتيجة التطبيقات المغلوطة للقوانين الناظمة لحقوق العمال، التي تأتي التفسيرات، وملحقات القوانين الصادرة عن الجهات الوصائية، لتبقى تلك الحقوق معلقة بين ما يجوز إعطاءه للعمال، وما لا يجوز، وهذا ما يجعل الإدارات تفسر النصوص كما يحلو لها، وحسب مزاجية هذه الإدارة أو تلك، كما هو حاصل في تطبيق طبيعة العمل الواردة في نص القانون (50) لتأتي تفسيرات القانون لتقزّم هذا الحق إلى الحد الأدنى دون النظر بطبيعة المهنة مثل عمال المناجم الذين يعملون بعمق عشرات الأمتار تحت سطح الأرض، حيث يتعرضون لأمراض ومخاطر حقيقية تختلف عن مهنة أخرى يعمل عمالها فوق سطح الأرض، وبالتالي لا يمكن وضع الجميع في كفة واحدة من حيث التعويضات.

وما يمكن قوله بخصوص الكثير من الحقوق العمالية المنقوصة، التي يلجأ العمال للقضاء من أجل إنصافهم وإعادة حقوقهم، يفاجأ العمال بمن أرتؤوا فيهم العدالة والملاذ الأخير، حيث ينطبق عليهم المثل القائل (كالمستجير من الرمضاء بالنار)، وهذا ما يحدد لكثير من القضايا العمالية التي ترد إلى العمال علي أساس التفسيرات المتناقضة التي تستند إليها المحاكم، لتصدر قراراتها التي لا تعبر عن مصالح العمال المشروعة، مما يجعل الكثير من العمال يفقدون ثقتهم بهذا القضاء المنحاز بأحيان كثيرة لرأي الإدارات ولتفسير بعض الجهات التي يطلب القضاء الرأي بخصوصها.

وقضية عمال منجم الملح الصخري في ناحية التبني نموذج لآلاف القضايا العمالية مما يتطلب النضال الدائم ليكون القضاء أكثر عدلاً ومستقلاً، يقر الحق لأصحابه، ويلزم الإدارات بتنفيذ الكثير من الأحكام التي اكتسبت الدرجة القطعية لصالح العمال، حيث تمتنع الإدارات عن تنفيذها مثل قضايا عمال النفط الذين كسبوا دعواهم وبدرجة قطعية ولم تنفذ تلك الدعوى، حتى أن الكثير من العمال المشمولين بالدعوى قد انتقلوا إلى رحمته تعالى، ولم يحصلوا على حقوقهم.

نعود إلى قضية عمال منجم الملح، فقد تقدموا بدعوى مطالبين بفروق بدل طعام منذ عام 1993 استناداً إلى قرارات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ذات الأرقام: (108/1966(، (1089/1991)، كتاب رقم (2430/1985)، (1370/1981)، والكتاب رقم (2348/1995) الموجه إلى وزارة النفط الذي أكد من وجوب تقديم ثلاث وجبات اعتباراً من 1/8/1995.

وبناء على تلك القرارات الصادرة عن وزارة الشؤون حصل العديد من العمال على فروقات بدل طعام استناداً لقرار المحكمة العليا بدمشق برقم (415/2004)، وقرار المحكمة هذا جاء قبل الدعوى المرفوعة من قبل العمال الـ(47)، وصدر أيضاً قرار للمحكمة بعد الدعوى هذه برقم (510/2/ع/2006)، مما يجعلنا نتساءل حول مبررات قرار القضاء برد الدعوى، وحيثيات الرد الذي يقول: (إن العمال يأخذون القوام الغذائي على أكمل وجه منذ عام 2004)، مع العلم أن الدعوى تطالب بفروق بدل طعام عن المدة التي تسبق تاريخ الدعوى بخمس سنوات، مما دفع العمال للقول (نحن العمال غير راضين عن قرارات المحكمة الإدارية) حيث أفقدت الثقة بها وبعدالتها، وحرمتنا من حقوقنا، حيث منحت عمال آخرين مثلنا، وبالسوية والظروف نفسها وفي المنجم نفسه، علماً أن الأحكام الصادرة بحقنا متناقضة بعضها مع بعض، حتى متن القرار الواحد فيه تناقض.

ويمكن أن نتساءل مرة أخرى: من الذي يضمن حق العمال إذا كان القضاء لا يضمن ذلك، ولا يلزم الجهات الوصائية بتنفيذ الدعاوي العمالية التي تكتسب الدرجة القطعية، وهو واجب التنفيذ؟؟

سؤال مطروح برسم الحركة النقابية!

آخر تعديل على السبت, 17 أيلول/سبتمبر 2016 14:02