«أبو عبدو» المشاكس
أبو عبدو عامل نول يعمل منذ عشرين عاماً في نسيج الصناعة (الشماخ، أو الحطة)، أقفل المعمل أبوابه، حيث كان يعمل، دون سابق إنذار، أو إخبار، وفي حالة كهذه فإن صاحب العمل يجب أن يُعلم وزارة الصناعة، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والنقابة، ولكن هذا لم يحصل، وأصبح مصير عمال هذا المعمل، وعائلاتهم في مهب الريح، وهذه حال الكثير من المعامل الصغيرة التي تغلق أبوابها، لأنها لا تقوى على منافسة ما يأتي من بضائع مشابهة من دول أخرى كالصين أو الهند عن طريق الإمارات.
بدأت معاناة هؤلاء العمال مع رب العمل، ومعهم أبو عبدو، من أجل تحصيل تعويضاتهم، وأخذت المفاوضات بين الطرفين طريقاً مسدوداً، واحتار العمال إلى من يلجؤون، استقر الرأي على تقديم شكوى إلى الشؤون الاجتماعية والعمل، (كل عامل بمفرده)، مطالبين بالعودة إلى العمل، وفي هذه الحالة فإن الشؤون تفاوض رب العمل من أجل تعويضات العمال قبل اللجوء إلى الإجراءات القانونية واستقر الاتفاق أخيراً أن يحصل كل عامل على تعويضه حسب سنوات الخدمة، وقبل العمال تلك التعويضات غير العادلة على مضض، كونهم لا يملكون خيارات أخرى، سوى الشكوى إلى الله، وقبول ما يجود به رب العمل.
بدأت رحلة أبو عبدو من جديد للبحث عن عمل، لأنه، وأمثاله من العمال، إن لم يعملوا لا يأكلون، نقول: (لا يأكلون!!)، وأبو عبدو عامل مشاكس دائم المطالبة بحقوق العمال، ولا يستطيع الامتثال للمثل الشعبي الذي يقول: (اليد التي لا تقدر عليها، بوسا ودعي عليها بالكسر)، وهذه المشاكسة قد انتقلت أخبارها إلى جميع أرباب عمل هذه المهنة، لذا لم يقبل به أحد منهم إلى أن التقى برب عمل قبل به وبكفالة أحد النشامى ولكن بشروط!
أولاً أن يقبل العمل بعقد وبراءة ذمة مسبقة التوقيع ودون تاريخ، ويجدد هذا العقد وبراءة الذمة كل 15 يوم عمل، والمقصود من ذلك مفهوم. والشرط الثاني أن يبقى دون شغب أو مشاكسة، والشرط الثالث والأهم أن يقبل بالأجر القليل الذي سيدفعه رب العمل.
أبو عبدو النساج قبل بهذه الشروط، مثله مثل بقية العمال لأن ظهورهم مكشوفة لمن يتحكم بلقمة عيشهم!!