العمال في مواجهة العولمة
يواجه العمال واحدة من أكبر التحديات على الإطلاق: إذ كيف يناضلون في عصر العولمة عندما تهدد الشركات بنقل أغلب عمليات الإنتاج إلى خارج الحدود للتمكن من دفع أقل قدر ممكن من الأجور.
إن شركات دايملير كرايسلر, فورد وجنرال موتورز ستلفظ أنفاسها الأخيرة في أيلول من هذا العام, حيث أن مندوبين من نقابة العمال المتحدين UAW هم الآن في ديترويت يعملون على تطوير طرق توحدهم. والقضية الكبرى أمامهم هي مقاومة مساعي الشركات لتخفيض الأجور والفوائد.
نعم, إن الثلاثة الكبار يواجهون تحديات السوق هنا في الولايات المتحدة ,ولكن بينما المصانع تغلق أبوابها في الوطن فان الثلاثة الكبار يباشرون فورا وبتفاخر «عولمي» بناء المصانع خارج الحدود .
إن شركة جنرال موتورز بنت عملياتها في 32 دولة ,هذا بالإضافة إلى أنها قامت برفقة مزودها الرئيسي ((دلفي)) بافتتاح مصنع رئيسي للمعدات الجديدة في هذه السنة في كل من المكسيك, أوروبا الشرقية, الصين ودول آسيوية أخرى. وبينما تخوض فورد بالإضافة إلى كرايسلر وجنرال موتورز حربا ضد شركة تويوتا وشركات أخرى من اجل اقتسام الأسواق, فإن النزعة العولمية تزيد من التواصل والتكامل فيما بين هذه الشركات وتتوقف مصلحة الواحدة منها على الأخرى.
منذ 23 سنة تقوم جنرال موتورز بمضاربة مشتركة مع شركة تويوتا في فيرمونت, بالإضافة إلى مضاربة أخرى بين فورد وشركة مازدا. ونستطيع أن نورد هنا أن شركة جنرال موتورز ورينو ونيسان قد اشتركت في مشروع صنع سيارات «فان» تجارية. أما كرايسلر, فإنها مرشحة لصنع سيارات «فان» صغيرة الحجم Minivans لصالح شركة فولكس فاكن التي بدورها تقوم بتجهيز محركات الديزل. وبدورها قامت فورد بجدولة حساباتها للبدء بصنع السيارات صغيرة الحجم . وهناك مشروع مشترك بين جنرال موتورز وايسوزو وسوزوكي. وأخيرا هناك محرك الدفع الرباعي الذي طورته كرايسلر وميتسوبيتشي وهيونداي لتجري صناعته في ولاية ميتشيغان الأمريكية.
إن تلك التحالفات قادرة على اقتسام حصص الإنتاج وتخفيض المستوى والنوعية, كما أنها تستطيع فتح الكثير من المصانع و(تمكين) الشركات المسؤولة عنها عن طريق نزع النقابية العمالية من تلك المصانع.
إن اتفاقيات التجارة الحرة لم تأت بالأمن الاقتصادي لعمال أي بلد, وبالمقابل فان تلك الاتفاقيات قد رفعت المنافسة بين العمال لتضعف وتقلص أجور الطبقة العاملة على صعيد العالم. وقد تمكنوا من ذلك جزئياً من خلال سهولة وقدرة رأس المال على الانتقال من بلد لآخر, والتهام حقوق العمال في سباق مشين للوصول إلى الأدنى والأقل؟
في عصر العولمة, عندما تستطيع عمليات الإنتاج الانتقال من بلد إلى أخر, فإن الشركات تحرض المصانع في الولايات المتحدة ضد مصانع البلدان الأخرى ذات الأجور القليلة. إن تلك الشركات تأخذ الربح من دولة ما, وتستثمره في دولة أخرى وتدعي خسارة الأرباح لتكسب الكثير من الامتيازات؟
اليوم, شركة جنرال موتورز تدعي حاجتها للامتيازات من نقابة أصحاب الشركات لأنه تبين معها من خلال دفتر حساباتها أن الأرباح هي أقل من المتوقع – كيف يكون ذلك إذا علمنا أنها أوردت في تقريرها أن ربع أرباح ما مجموعه 950 مليون دولار متوقعة مسبقاً ومكاسبها في تحسن خلال عام2007. كما أنها وفي أثناء إطلاق هذا الادعاء افتتحت مصانع ببليون دولار حول العالم بما في ذلك مصنع أوبل الكبير في سلوفاكيا والأدوات الجديدة في الصين؟.
وبدورها شركة دايملر كرايسلر تقول أن تلك الامتيازات هي حاجة حقيقية, ولكن كيف يكون ذلك ومردود شبكتها ارتفع إلى 4,3 بليون دولار في عام 2006 مقارنة مع 3,8 بليون في عام 2005؟
والآن ما الذي يستطيع العمال فعله للعودة إلى المعركة؟ إن الدفع الحالي الذي يقوم به قادة العمال المتحدون من خلال لقاءات يجرونها مع نقابات العمال في الدول الأخرى هو تطور ايجابي. فالعمال المتحدون يستضيفون حاليا نقابة عمال اليابان في ديترويت, كما يخطط هذا الاتحاد العمالي لاجتماعات مع النقابات العمالية في تايلاند والمكسيك وجنوب أفريقيا وكورية الجنوبية والأرجنتين والبرازيل, واعتقد أن عليه اليوم النظر في اجتماع مع العمال الصينيين. نعم, فمثلما أصبح الإنتاج «معولماً» ينبغي أيضا أن «تتعولم» الحركة النقابية العمالية؟
إن المجتمعات التي خسرت مخصصات التعليم والخدمات باتت تحتاج إلى ميزانية طوارئ وإن المال يجب أن يكون متوفرا للضمان الصحي والإسكان وإعادة تأهيل العمل قبل كل شيء ,وان كل الخيارات التي تتضمن التأميم تحت السيطرة العامة والنقابية يجب أن تكون محترمة ومقدرة لبقاء المصانع مفتوحة. فالمصانع عندما تدار من مدراء مختصين ومؤهلين ويجري العمل بها وفيها بطرق ديمقراطية سوف تعمل بشكل آلي للمصلحة العامة وتستطيع بعدئذ أن تقدم الأفضل مقارنة مع الإدارة الخاصة.
إن الصناعة تتغير وتصبح معولمة, أما الإنتاج الذاتي فما زال هو العامل الرئيسي والكبير داخل الولايات المتحدة, هذا بالإضافة إلى أنه يصبح أكثر فأكثر غير ذي توجه نقابي للعمال.
إن الأهم من كل الذي ذكرناه هو أن النقابة سوف تحرك وتعبئ أعضاءها وتقودهم في مواجهة ضد أصحاب الامتيازات. إن ذلك قد لا يجني الفوز في كل شيء ,ولكن إذا لم تخض النقابة هذه المعركة فإنها سوف تواجه معركة زمن أقوى وأصعب في كسب ثقة كل العمال, النقابيين منهم وحتى غير النقابيين؟
■ جون رومل
منسق ولاية ميتشيغان في الحزب الشيوعي الأمريكي
عن مجلة People's Weekly World