واشنطن و«تمرير الكرات» بين المتشددين..!
تأكد خلال الأسبوع الماضي ومن جديد الاستنتاج القائل بأنه سيجري تصعيد درجة التوتر السياسي والاقتصادي والأمني كلما اقتربت الأزمة السورية من انطلاق الحل السياسي
تأكد خلال الأسبوع الماضي ومن جديد الاستنتاج القائل بأنه سيجري تصعيد درجة التوتر السياسي والاقتصادي والأمني كلما اقتربت الأزمة السورية من انطلاق الحل السياسي
في ظل إصرار المعسكر الغربي بأدواته وحلفائه على الانتقال إلى مرحلة أخرى من خلط أوراق الأزمة السورية بما يعيق حلها، فإن الأصل في إمساك زمام المبادرة من السوريين في الداخل، وفي مقدمتهم افتراضاً قوى النظام وسياسيوه، هو التوجه نحو تحقيق المخرج الآمن لهذه الأزمة، المتمثل في إطلاق الحل السياسي لها
يضيق الخناق أكثر فأكثر على فاسدي النظام من جهة، وعلى متشددي المعارضة من جهة أخرى، وتفرض فكرة الحل السياسي لدى الطرفين المتشددين حالةً من اليقظة المستمرة ضد أي تقدم إيجابي على الأرض.
تشير وقائع وتطورات الأوضاع في جملة من البلدان العربية إلى انطلاق واتساع موجة مد شعبية تعبر عنها الانتفاضات والثورات الجماهيرية. فبعد تونس ومصر، انتقلت التحركات الشعبية الواسعة النطاق إلى اليمن والبحرين وليبيا والعراق، وهناك مؤشرات لإمكانية اتساع هذه التحركات لتصل إلى بلدان أخرى، عربية وغير عربية.
ارتفعت نغمة «الحسم» مجدداً في أعقاب التفجير الدامي في منطقة «السبع بحرات» بالعاصمة دمشق، وجاء ارتفاعها ليلبي تماماً، من حيث النتيجة العملية والنهائية، الغرض المطلوب من التفجير ومن التصعيدات الموازية له(!!) وذلك بغض النظر عن نية أو معرفة العازفين على نغمة الحسم
عندما يعلق مسؤول اقتصادي رفيع المستوى أن سورية تسعى للحصول على تمويل للبنية التحتية من مؤسسات دولية، وتحديداً من البنك الدولي، فهذا تصريح يستحسن الوقوف عنده للتأمل والتمحيص.. فهو في خلفيته يعني أمرين على الأقل:
أولهما: أن التعويل على استثمارات خارجية مرافقة لأصحابها قد تراجع الأمل فيه بناء على نتائج الخطة الخمسية العاشرة، وعلى ما أنتجته الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية، وهو الأمر الذي حذرنا منه باكراً، مؤكدين على ضرورة عدم التعويل على الوعود التي لم يتحقق منها أصلاً إلا الجزء اليسير.
ضاع الكثير من الوقت منذ تفجر حركة الاحتجاجات الشعبية في آذار الماضي وما تلاه من دخول البلاد في أزمة وطنية عميقة، وسالت دماء سورية زكية طوال الشهور السبعة المنصرمة كان يمكن بمستوى أعمق من الحلم والوعي وعدم المكابرة أو الاستكبار ألا تسيل، وزجّ الكثير من الدخلاء والمشبوهين بأنفسهم ومخططاتهم في الفراغ الذي أحدثه الشقاق الهائل الذي نشأ بين النظام وشرائح واسعة من الشعب على خلفية القمع والشعارات القصوى والعنف، والعنف المضاد، وعملوا على توسيع الهوة بينهما بمساعدة المتشددين في كل طرف، محاولين إيصالها إلى درجة القطيعة النهائية، ولم ينصت الكثيرون وسط كل هذا الضجيج لأصوات العقلاء، الذين حاولوا منذ البداية تفسير طبيعة الأزمة وتقديم اقتراحات عملية لتجاوزها والسير بالبلاد باتجاه المخرج الآمن الوحيد وهو الحوار الجدي، الذي سيفضي إلى تغيير النظام جذرياً بشكل يحافظ على وحدة البلاد واستقرارها..
عندما نقول باستمرار واشتداد الأزمة الاقتصادية العالمية رغم كل أشكال التضليل الإعلامي المعاكس، لا نقصد أبداً أن الإمبريالية العالمية وحليفتها الصهيونية قد انهارت، وسلَّمت بالهزيمة، بل على العكس من ذلك، تزداد العدوانية الإمبريالية- الصهيونية على كل جبهات الصراع بينها وبين الشعوب في الوقت الراهن، وخصوصاً في منطقتي الشرق الأوسط وبحر قزوين.
طوت الانتفاضة الثورية المصرية صفحتها الأولى، وهي ماضية في صفحتها الثانية.. ولكن آثار ما أنجزته له أبعاده الهامة؛ التاريخية، العالمية، والإقليمية، والداخلية فيما يخص مستقبل الشعب المصري نفسه..
تؤكد الأيام الأخيرة اشتداد ملامح الأزمة الاقتصادية العظمى من حيث الشكل والمضمون.. ويبدو بائساً التضليل الإعلامي العالمي حول انتهاء الأزمة في أواسط العام 2009. فما إن صدر هذا التصريح حتى ارتفعت أسعار الذهب إلى تخوم 1300 دولار للأونصة، وانهار الدولار أمام اليورو، وارتفعت أسعار النفط مع تأكيدات رسمية حول تجاوز معدلات الفقر والبطالة في الولايات المتحدة الأمريكية كل الأرقام القياسية السابقة خلال الخمسين عاماً الأخيرة.. إلى جانب تصاعد حدة الصراعات الاجتماعية في كل أوروبا على أرضية هجوم حكومات الاحتكارات الكبرى على مصالح الكادحين من اليونان إلى فرنسا.