د.أسامة دليقان
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
خلصت إحدى الدراسات التي دقّقت في تفاصيل 100 من كوارث القرن العشرين، إلى استنتاجٍ مفاده أنّه كان يمكن تجنّب 73% من وفيّات الزلازل لو كانت الاستعدادات والإنقاذ أفضل. وكان يمكن تجنب 74% من ضحايا البراكين بالحماية المناسبة، و25% من ضحايا حوادث الطائرات بالإجراءات الأمثل. في الجزء الحالي من هذه السلسلة، نورد تلخيص دراسة أمريكية قارنت بين الاستعداد للكوارث لدى السوفييت والأمريكان، والتي تعكس الاختلاف بين فلسفتين متناقضتين في النظرة لحياة وحقوق الإنسان.
تتنوّع مناهج التفكير في تحليل مخاطر الكوارث على البشر وكيفية الوقاية منها ومعالجتها، وإذا استبعدنا المناهج الخُرافيّة والأسطورية، طرح العلماء عدة منهجيّات، منها نموذج «الضغط والتحرير» PAR الذي اقترحه عالِم الكوارث «بن ريسنر»، ويستند على تفكير واقعي مادّي بأنّ البشرية إزاء الكوارث تكون بين «طرفي كمّاشة»: أحدهما يتمثّل بقوى موضوعية طبيعية وتاريخية تضغط على الناس، وبالتالي تقع المسؤولية في تفريج كُربة الكوارث أو «تحرير» الضغط على الطرف الآخر الذي إمّا أن يسهّل سحقّ الناس أو إنقاذهم: وهو سلوك النظام السياسي-الاقتصادي والدولة والمجتمع، ليس فقط بعد «وقوع الفأس بالرأس» بل لا بدّ من الاستعداد والوقاية، وفي هذا تكشف الرأسمالية عن تخلّف واستهتارٍ قاتِلَين.
تم الإعلان عن نتائج اجتماع العقبة بالأردن، الأحد 26 شباط (فبراير) 2023، الذي جرى بمشاركة من السلطة الفلسطينية وكيان الاحتلال «الإسرائيلي» والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى وفد من سلطتَي التطبيع المصرية والأردنية. وفي الليلة نفسها وصباح اليوم التالي (الإثنين 27 شباط) شن مستوطنون مدعومين بقوات الاحتلال 300 اعتداء إرهابي على قرى جنوب نابلس، أسفرت عن استشهاد اثنين من الفلسطينيين وإصابة 390 آخرين، وإحراق أكثر من 100 منزل و100 سيارة. وبخلاف مزاعم بيان العقبة أعرب عدد من مسؤولي الاحتلال عن اعتزامهم مواصلة التصعيد والاستيطان، ومنهم الوزير سموتريتش الذي قال «لن نُجمد الاستيطان ولو ليوم واحد».
رغم أكثر من نصف قرن من العقوبات الأمريكية ضدّها، قد يستغرب كثيرون من أنّ 7 أشخاص فقط لقوا مصرعهم في أعاصير عام 2008 في كوبا، علماً بأنّ ثلاثة أعاصير اجتاحتها آنذاك (غوستاف وآيك وبالوما) وأوّل اثنين ضرباها بفاصل 10 أيام، وكانت الأضرار المادية بقيمة 5 مليارات دولار. لكن يعود الفضل إلى السرعة في إجلاء السكان وإنقاذهم بتكاتف المجهود الاشتراكي لدولةٍ تثق بشعبها وشعبٍ يثق بدولته. بالمقابل تركت حكومة الولايات المتحدة مواطنيها السود والفقراء يموتون غرقاً وجوعاً في نيو أورلينز وساحل الخليج بعد إعصارَي كاترينا وريتا اللذين ضرباها عام 2005 وما زاد الأمر سوءاً خوف كثير من الضحايا المهاجرين من أن تستغل واشنطن الكارثة لترحيلهم وطردهم، وهذا ليس مستغرباً فلقد رَفضت حتّى المساعدات الإنسانية التي استعدّت كوبا وفنزويلا لإرسالها إلى الولاية الأمريكية المنكوبة!
يواصل الاحتلال الصهيوني تصعيده وجرائمه، التي زادت بظلّ حكومة نتنياهو وبن غبير، حيث شهد الأسبوع الماضي بشكل خاص أحداثاً متسارعة ومواجهات واشتباكات وعمليات مقاومة في عدة مناطق ولا سيما بالقدس والضفة. وفيما يواصل المتطرّفون الصهاينة وقادتهم الأوهام بأنّ قمع الشعب المقاوم سيجدي نفعاً، ينعكس تصعيدهم على الكيان تعميقاً للانقسام لدرجة التحذير العلني من «اغتيالات سياسية»، وسلسلة من مؤشرات النفور العالمي من «إسرائيل» (إذا استثنينا اتجاه التطبيع السائر بعكس التاريخ)، وتأتيهم أجوبة الشعب حجارةً وعملياتٍ بالسكاكين والرصاص والعصيان والإضراب، وتنفيذاً طبيعياً لعدالة «القاتل يُقتَل»، حتى أنّ الردّ بالمقاومة يأتي من «كلّ ليمونة» وكلّ طفل، كما أكّد مثلاً منفّذ عملية حاجز شعفاط، ذي الثلاثة عشر ربيعاً، عندما قال ببساطة: «رأيتُ مقاطع فيديو لجنود يضربوننا، فأخذت سكيناً من المنزل ووصلت إلى الحاجز بهدف طعن جنود». وهكذا يزداد الشدّ على عنق «إسرائيل» بشعبٌ يقاوِم، وانقسام داخلي يتعمّق، ونفور عالمي يتوسع.
قبل وقوع الزلزال بثوانٍ قليلة، قال كثير من الناس في تركيا: إنهم رأوا ومضاتٍ تشبه أضواء «الأورورا» التي تشاهد عادةً في المناطق القطبية الشمالية. وتجدّدت في تركيا وخارجها أحاديث تربط بين الزلزال وبين مشروع HAARP الأمريكي، أو استخدام واشنطن لـ«أسلحة تكتونية». نناقش في المادة التالية تفسير «الفلاشات» الغامضة، وبعض حجج كلٍّ من أنصار ورافضي رواية إمكانية استحداث الزلازل عمداً بتكنولوجيا عسكريّة.
«النقد الماركسي جزء من كيان أكبر لتحليل نظريّ يهدف إلى فهم الإيديولوجيات، أيْ فهم الأفكار والقيم والمشاعر التي يعيش بها البشر حياتهم الاجتماعية في أزمان متباينة... والتي قد لا تتاح إلا في الأدب، كما أنّ فهم الأيديولوجيات يعني فهماً أعمق لكلٍّ من الماضي والحاضر على نحوٍ يُسهم في تحرُّرِنا». – هكذا كتب الباحث الماركسي الإنكليزي تيري إيغليتون في كتابه «الماركسية والنقد الأدبي».
تناولت افتتاحية حديثة لمجلة «الطبيعة» انتقاداً للطريقة السائدة أكاديميّاً في إعداد الدارسين لنيل شهادة الدكتوراه، معتبرةً بأنه «من أجل أنْ يحقّق الباحثون تطلّعات المجتمع، يجب على طريقة تدريبهم وتأهيلهم والإشراف عليهم أن تهجر طرائق القرن التاسع عشر».
عقد الناتو اجتماعاً لما يسمى «مجموعة الاتصال الدفاعية لأوكرانيا» بقيادة واشنطن في قاعدة «رامشتيان» الأمريكية بألمانيا في العشرين من الشهر الجاري، برز أثناءه وبعده خلافٌ بين وزراء الحرب في برلين وواشنطن بشأن إرسال دبّابات «ليوبارد2» الألمانية للاشتراك بالقتال ضد القوات الروسية في أوكرانيا. وأدت الضغوط الأمريكية لموافقة ألمانيا على الزجّ بدباباتها هذه في المعركة إلى جانب «كوكتيل» من الدبابات والأسلحة الحديثة الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها، والتي يحتاج كلّ منها لوجستيات مختلفة ومعقّدة، لتظلّ النتيجة مزيداً من التصعيد والدمار والخسائر، التي قد تُرجِئ، إلى حين، تثبيتَ هزيمة الناتو في أوكرانيا، ليس فقط على وقع التقدّم الروسي عسكرياً، بل وارتباطاً بساحات المعارك اقتصادية بين معسكر الدولار ومعسكر العالَم ما بعد الدولار. توريط برلين وأوروبا بتصعيدات انتحارية مع روسيا يثبت هنا أيضاً، ومن جديد، بأنّ الوظيفة الوحيدة المتبقية لواشنطن هي زرع العراقيل والألغام بطريق العالَم الجديد الوليد.
نشرت مجلة «الطبيعة» البريطانية، في 4 كانون الثاني الجاري 2023، تلخيصاً لدراسةً لاحظت بأنّ «نسبة المنشورات العلمية، في أيّ حقلٍ علمي، من النوع الذي يدفعه إلى اتجاهٍ جديد، قد انخفضت على مدى نصف القرن الماضي»، وأنّه ساد ميل عام هابط لمعدّل الاختراقات العلمية النوعية رغم التزايد الكمّي للمنشورات بعد منتصف القرن العشرين ولبراءات الاختراع بين 1976 إلى 2010. ومع ذلك لم تقدّم الدراسة تفسيرات مقنعة أو عميقة، بل وأبرزت مجلة «الطبيعة» في عنوان ملخّصها بأنّ «لا أحد يعرف لماذا». هذا ليس مستغرباً، فالسبب يحتاج للاعتراف أولاً بصحّة نظرية التراجع العام للحركة الثورية العالمية خلال الفترة نفسها التي رَصدتْ فيها الدراسةُ تباطُؤَ العِلم.