عن ربط الأجور بالإنتاج شعار قديم يتجدد
أديب خالد أديب خالد

عن ربط الأجور بالإنتاج شعار قديم يتجدد

تتحدث الحكومة دائماً خلال اجتماعاتها مع النقابات أن زيادة الأجور والرواتب موضوعة ضمن الخطط الحكومية، ولكنها تربط زيادة الأجور بزيادة الإنتاج وهي تعمل حسب زعمها على دعم مستلزمات عملية الإنتاج لزيادة الأجور وتسعى في الوقت نفسه إلى خفض الأسعار بما ينعكس بشكل إيجابي على المواطن.

ربط الأجور بالإنتاج

كلام الحكومة عن ربطها زيادة الأجور بزيادة الإنتاج يعتبر عملاً غير دستوري، فربط الأجور بالإنتاج فيه مخالفة واضحة للدستور الذي نص في المادة الثالثة عشرة منه على (أن السياسة الاقتصادية للدولة تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي وعدالة اجتماعية) ومن متطلبات العدالة الاجتماعية أن يؤمن الحد الأدنى للأجر متطلبات المعيشة للمواطن بغض النظر عن الإنتاج. وهذا ما نصت عليه المادة أربعون أيضاً التي أكدت على حق العامل في أجر عادل وعلى ألّا يقل هذا الأجر عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات المعيشة وتغيّرها، فاذا كان وسطي المعيشة للأسرة المكونة من خمسة أفراد أكثر من مليونين ليرة فهل الحد الأدنى للأجور اليوم يؤمن حياة كريمة للعامل ويتوافق والدستور؟؟

الأجور والاستهلاك

لنفترض صدق كلام الحكومة اليوم عن ضرورة ربط الأجور بالإنتاج، فعملية الإنتاج باتت معطلة لأسباب كثيرة ومنها انخفاض القدرة الشرائية للمواطن وانخفاض الأجور، فزيادة الإنتاج باتت تحتاج إلى زيادة الرواتب والأجور لكي تزيد نسب الاستهلاك في الداخل الذي وصل إلى أدنى مستوياته، ولم يعد هناك ما يبرر التسويف أو التأخير في قضية الأجور، فاليوم العديد من المشاريع والمصانع وبشتى المجالات أغلقت معاملها وفي أحسن الأحوال خفضت من إنتاجها نتيجة عدم وجود أسواق لتصريف منتوجاتها وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، وهناك العديد من الصناعيين باتوا يحجمون عن العودة إلى مصانعهم لوجود جمود في حركة السوق نتيجة لانخفاض الأجور والرواتب، وبالتالي بات دعم العملية الإنتاجية يتطلب زيادة حقيقية في الأجور والرواتب كي تستمر حركة السوق ولا تتكدس البضائع وتسبب في خسائر التي تقود في النهاية إلى إغلاق المصانع والمعامل.

الأموال الحكومية المجمدة

مع معالجة الحكومة ملف القروض المتعثرة وتحصيل أغلبها وتوفر سيولة مالية لدى المصارف الحكومية إلا أن الحكومة لا تعمل على استثمار هذه الأموال بشكل صحيح لزيادة وارداتها أو لدعم العملية الإنتاجية، بل يتم العكس من ذلك من خلال إغلاق مصانع القطاع العام تحت حجة أنها خاسرة دون أن يتم دعم أي من هذه المصانع والمعامل أو تأمين مستلزمات عودتها إلى الإنتاج، وبذلك تكون الحكومة هي من تعطل عملية الإنتاج وتعتمد على سين التسويف والوعود بشأن قضية الأجور واستخدام تصريحات نارية معتبرة أن هذه الطريقة المتعارف عليها منذ سنين في بلادنا ما زالت تعطي مفعولها اليوم.

الحكومة لا تدعم الإنتاج

قضية الأجور والرواتب باتت تتفاعل كثيراً داخل المجتمع السوري بسبب الحالة المزرية لغالبية السوريين وبسبب تعنّت الحكومة ووقوفها إلى جانب قوى رأس المال، فهؤلاء ومن ورائهم قوى الفساد يمانعون أية زيادة على كتلة الأجور والرواتب لأنهم لا يريدون التنازل عن أي جزء من أرباحهم التي تزداد يوماً بعد يوم، وهو ما يزيد الاحتقان في الشارع السوري نتيجة لانتشار الفقر وتعطل العملية الإنتاجية وتوقف العديد من المصانع، وعلى ما يبدو أن الحكومة لا تعمل على دعم العملية الإنتاجية كما تدّعي، بل تعمل على تعطيل الصناعة الوطنية لصالح تجارة الاستيراد، وجل ما يهم الحكومة هو دعم التجار وتشجيع السياحة وهو ما يحول البلاد إلى مجتمع استهلاكي غير منتج، فربطها لزيادة الأجور بزيادة الإنتاج القصد منه ضرب الاثنين معاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1088