تراجع في قيمة الأجور مقابل تحرير الأسعار
ماذا يعني وضع سقف للأجور مقابل تخفيض الدعم وتحرير الأسعار وخصخصة المؤسسات الخدمية والإنتاجية الحكومية؟!
ماذا يعني وضع سقف للأجور مقابل تخفيض الدعم وتحرير الأسعار وخصخصة المؤسسات الخدمية والإنتاجية الحكومية؟!
توفي صباح الأحد 22 أيلول 2024 الرفيق النقابي عبد المجيد فرحان رشكو.
كثيراً ما ردّد المسؤولون الحكوميون على مسامع الكوادر النقابية في الاجتماعات التي تحضرها الحكومة عبارة «النقابات متواجدة في كل مواقع اتخاذ القرار»، وأنها مسؤولة عن تلك القرارات المتخذة مثلها مثل الحكومة والإدارات، فالتمثيل النقابي يشمل مجالس إدارة المؤسسات والشركات ومجلس الشعب واللجنة الاقتصادية العليا وقيادة الجبهة وغيرها من المواقع التي تتخذ فيها القرارات، أي إن الحركة النقابية شريك كما هو مفترض في كل ما يجري في البلاد لانتشار ممثليها في المواقع التي ذكرت أعلاه، وهذا الانتشار التمثيلي من المفترض أيضاً أن يحمّلها عبئاً ومسؤوليات استثنائية كونها تمثل مصالح وحقوق أكبر طبقة في البلاد.
معيقات قانونية كثيرة تواجه العمال أمام المحكمة العمالية أثناء المطالبة بحقوقهم، خاصة المالية منها، وذلك بسبب منح قانون العمل رقم 17 لعام 2010 السلطة الكاملة لأصحاب العمل في فرض شروط العمل على العامل دون أن يكون لهذا الأخير أي خيار سوى الرفض أو القبول وكأنّ عقد العمل تحول من عقد رضائي إلى عقد إذعان يُفرَض على العامل.
من المؤكد أن الأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، المتناسب مع غلاء الأسعار، التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حالة قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ويعني انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
يعتبر القطاع الصناعي شرياناً اقتصادياً مهماً لأيّ بلد، فهو يحدد ملامح اقتصاد بلدٍ معين سواء كان صناعياً أو زراعياً ومدى ارتباطه بالتكنولوجيا المتطورة، إضافة إلى تبادلاته التجارية المختلفة. وهذا ينعكس على الطبقة العمّالية المنتجة من خلال تأثيره على تطوّر إنتاجهم ووعيهم لحقوقهم في العمل، وضمان الحقوق لهم من خلال لوائح وتشريعات قانونية، وتعويضاتهم كافة.
أينما وجد رأس المال فإنه يفرض على العاملين بأجر ظروفاً وشروطاً هدفها الأساسي زيادة الأرباح وبأقصى ما يمكن من السرعة. وبالتالي يعاني العاملون بأجر مخاطر الفقر وحوادث العمل وإصاباته وأمراضه المهنية، وغياب قواعد الصحة والسلامة المهنية وعدم توفر معدّاتها، فالعامل مضطر للمخاطرة بحياته من أجل مستقبل أسرته، فيمضي إلى جحيم العمل خوفاً من خطر الموت جوعاً، ولا حل أمامه غير بيع قوة عمله في سوق العمل.
عرفت سورية التأمين الصحي منذ صدور القانون رقم /92/ عام 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية، وحسب هذا القانون تم تعريف مؤسسة التأمينات الاجتماعية والمؤمَّن عليه وإصابة العمل والمصاب. وعرّفت المريض بأنه: «من أصيب بمرض أو حادث غير إصابة العمل». وبهذا يتم اقتطاع نسبة من أجر العاملين المؤمَّن عليهم، ومن ربّ العمل سواء قطاع خاص أو قطاع دولة، كي يستفيد العامل منها في تأمين المرض وإصابات العمل وراتب الشيخوخة.
هناك سؤال يتبادر إلى أذهان العمال دائماً بشكل عام، لماذا يمتنع أرباب العمل وخاصة في القطاع الخاص عن تسجيل العمال الذين يعملون في منشآتهم في مظلة التأمينات الاجتماعية، هل لعدم إدراكهم لأهمية هذه المظلة للعمال ولهم أيضاً؟ أم إنهم يعتبرون المبالغ التي سيدفعونها من حصتهم تكاليف إضافية لا مبرر لها؟
يتعرض العمال الموسميون إلى هزات عنيفة عند نهاية كل موسم إنتاجي. وما نقصده بالعمال الموسميين هم العمال في القطاع الخاص الذين يعملون في الإنتاج لموسم واحد شتوي أو صيفي، في المشاغل الحرفية المنتشرة في الأقبية في أحزمة الفقر التي تحيط بالعاصمة، وما أكثرها! وأماكن أخرى لا ترى الضوء ولا يمر بها الهواء، وبعدها يذهبون إلى منازلهم بانتظار موسم جديد، وهؤلاء العمال مجرَّدون من الحقوق كافةً، سواء بزيادة الأجور أو حقوقهم في أن يكونوا منتسبين للتأمينات الاجتماعية، وكذلك المظلة النقابية التي لا تُظلِّلُهم بظلّها فهم غير منظورين بالنسبة لها.