يوم تضامن العمال العالمي الأول من أيار
تخليداً لذكرى واستمرار نضالات الطبقة العاملة، وتضامن العمال العالمي جاء الاحتفال بالأول من أيار ويعود هذا الاحتفال إلى أواخر القرن التاسع عشر عندما نظم العمال في شيكاغو إضراباً عامّاً بهذا اليوم شارك فيه مئات آلاف العمال يمثلون ألاف المصانع رافعين شعارهم المقدس ثماني ساعات عمل ثماني ساعات راحة ثماني ساعات نوم، حيث كان العمال يعملون ما بين 14- 16 ساعة في اليوم ويأخذون أجوراً زهيدة مقارنة بما ينتجونه من قيمة زائدة تعود كلها لجيوب أصحاب العمل الرأسماليين، وقد حقق الإضراب نجاحاً كبيرا،ً حيث شلت الحركة الاقتصادية في المدينة.
قامت الشرطة بإيعاز من السلطات بإطلاق النار على العمال المتظاهرين وقتلت العديد منهم محدثة مجزرة كبيرة بين صفوف العمال المحتجين، وقامت السلطات بإعدام عدد من قادة الإضراب والمظاهرات العمالية، وقد كتب أحد قادة الإضراب رسالة إلى ابنه الصغير جاء فيها: (ولدي الحبيب عندما تكبر وتصبح شاباً وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت، ليس لدي ما أقوله أكثر من إني بريء وأموت من أجل قضية شريفة وعادلة، لهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفتخر بأبيك وتحكي القصة لأصدقائك).
تكونت الطبقة العاملة في سورية مع انتهاء الحرب العالمية الأولى ودخول الرساميل من دولة الاحتلال الفرنسي إلى سورية وخاصة في البنوك والكهرباء والمرافئ والخطوط الحديدية إضافة إلى الريجي واستثمارات أخرى مختلفة. ومع نمو روحها النضالية والوطنية، بدأ يتبلور الوعي الطبقي للطبقة العاملة وفهمها لترابط الاستغلال الطبقي والاضطهاد الاستعماري بالتدريج.
قام العمال بالعديد من الإضرابات والاعتصامات في مختلف أنحاء المدن التي كانوا يتواجدون فيها، وهي التي ساهمت في زيادة وعي الطبقة العاملة الناشئة. لقد كانت ذروة نشوء العديد من النقابات العمالية في مختلف المدن السورية بين عامي 1924– 1938 في دمشق وحلب واللاذقية وحمص وحماة والمدن الأخرى التي تواجد فيها العمال حيث تُوّج ذلك بالمؤتمر التأسيسي للاتحاد العام لنقابات سورية في أوائل عام 1938 الذي كان يعبر عن وحدة الطبقة العاملة في نضالها الطبقي ضد الاستغلال والاستعمار، ويمكن أن نلخص برنامجه بمطالبه الأساسية التي تجلت: - تحديد ساعات العمل. – دفع الأجور في مواعيدها وزيادتها. – الإجازات السنوية للعمال والراحة الأسبوعية مدفوعة الأجر. – ضمان الحريات النقابية للعمال. وقد كان منذ بداية تأسيس الحركة النقابية دور قيادي واضح ومميز للعمال الشيوعيين.
الأول من أيار لهذا العام يختلف فيما يحيط به من ظروف ووقائع. في ظل وضع غير مسبوق من تسارع النهب لمقدرات وإمكانات وثروات البلاد والعباد. وهي التي عانت أي الطبقة العاملة منذ ما قبل انفجار الأزمة عام 2011 ما عانته من فقر وبؤس وشقاء، إضافة إلى منع تقدم الصناعة وإعادة ترميمها وتطورها، سواء في قطاع الدولة وفي القطاع الخاص، واستمرار السياسات الاقتصادية التي لا تخدم إلا قوى النهب والفساد وتساهم في الاستغلال المكثف للعمال ونهب قوة عملهم من خلال انهيار قيمة الأجور واستفحال الغلاء الذي أسهم في زيادة إفقار وبطالة وتدني مستوى المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة مما جعل الوضع المعاشي للعمال يزداد سوءاً.
إنكار حق العمال في الدفاع عن مطالبهم ومصالحهم باستخدام أدواتهم الكفاحية من إضراب واعتصام وغيرها من أشكال الاحتجاج وافتقاد التأمينات والضمانات الاجتماعية والتنكر للمصالح وللحقوق الأساسية، وخاصة لعمال القطاع الخاص المنظم وغير المنظم ستكون عواقبه غير محمودة.
إن الخروج من الأزمة الاقتصادية الاجتماعية وآثارها على الطبقة العاملة، مرهون بالتخلص من السياسات الفاشلة من قبل الحكومات المتعاقبة المعمول بها. ووفق أولويات وبرامج مستمده من احتياجات الطبقة العاملة والفئات الشعبية نفسها. وليس من وصفات الرأسمال الدولية وإملاءاته الاقتصادية المتوحشة بل بمشاركة ممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة بشكل متوازن وحقيقي. وذلك بما يتطلبه التحول والتغيير الشامل والجذري المنشود والقابل للتحقيق، من خلال الاعتماد على سياسات تلبّي المصالح العمالية، تقوم على الحوار والديمقراطية، والتمسك الحازم بوحدة الحركة العمالية والنقابية واستقلالية قرارها.
يعتبر الأول من أيار إجازة رسمية في العديد من البلدان العربية- بما فيها سورية– والأوربية وفي أمريكا اللاتينية والعديد من دول آسيا. حيث يقوم العمال بمعظم دول العالم بالمظاهرات والاعتصام والإضرابات رافعين الأعلام الحمراء كرمز للحركة العمالية وإشارة لمطالبة العمال بالعدالة الاجتماعية وهي رمز لوحدة وتضامن العمال على الصعيد العالمي.
أدرك العمال أن اتحادهم ونضالهم ضد الرأسماليين من خلال الإضرابات والاعتصام والمظاهرات هو الطريق الوحيد لتحسين شروط عملهم ومعيشتهم وحقوقهم الديمقراطية. الاحتفال بهذا اليوم ليس تظاهرة بروتوكولية نتحدث فيها عبر الميكرفونات في مهرجانات خطابية عن مكانة العمال وإنجازاتهم في الوقت الذي تعاني فيه الطبقة العاملة في ساحات الوطن ظروفاً تعسفية لا تحترم فيها إنسانية العامل وحقه في العيش بكرامة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1068