مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال أمام مسؤولياته!!

في السادس والعشرين من هذا الشهر سيعقد الاتحاد العام لنقابات العمال اجتماع مجلسه العام، والذي قد يكون الأخير في هذه الدورة الانتخابية، وتنتصب أمام هذا الاجتماع قضايا كثيرة ستكون حاضرة في هذا الاجتماع، وأبرزها قضية الدفاع عن القطاع العام الذي تحضر له الطبخة الجديدة القديمة، لخصخصته وبيعه والتفريط به تحت شعار إصلاحه وإعادة هيكلته، لكن خارج ميزانية الدولة كما قال الدردري (يأتي تشكيل اللجنة تمهيداً لإصدار قانون لإصلاح القطاع العام الصناعي، مع التأكيد على أن محاولة الإصلاح تعتمد على الاستقلالية والإدارة الاقتصادية والمرونة والابتعاد ما أمكن عن ميزانية الدولة والاستفادة من الموارد المتاحة في السوق من مصارف وسوق أرواق مالية و غيرها، ) مع تشديد الدردري طبعاً على حقوق  العاملين التي ستبقى مصانة بكل الأحوال كما قال، وأنه لن يكون هناك أي تسريح قسري لأي عامل.

هكذا إذاً الدولة ليست معنية بدعم الاستثمار في القطاع العام، من أجل أن يستكمل دوره السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي لعبه سابقاً، حيث لابد من أن يبقى القطاع العام اللاعب الأساسي الاقتصادي – الاجتماعي الأول، لأنه السياج المنيع الذي سيصد به الوطن موجات الهجوم المتتابعة من قوى السوق الكبرى داخلياً ومن القوى المعادية خارجياً عبر الوصفات والمقترحات والدراسات التي يقدمها صندوق النقد الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو غيره من المنظمات الدولية الرأسمالية، والتي تستجيب الحكومة  لوصفاتها المختلفة هذه عبر اللجان التي تشكلها ومشاريع القرارات التي تصدرها، والإعفاءات الضريبية التي تقدمها إلى (مدللها الخاص) والمشاريع والتجارب التي عملت بها بعض الدول (الماليزية، المصرية، التونسية)  وكل هذه الحركة الدائمة والمتواترة  التي تقوم بها الحكومة وفريقها الاقتصادي لها مآل واحد، وهو التفريط بالقطاع العام وهذا له مخاطره السياسية الكبرى، وهذا لايخفى على أحد، حيث تكون الدولة قوية عندما يكون الاقتصاد قوياً والعكس بالعكس، من هنا ستأتي الخطورة التي سيتعرض لها الوطن من جراء تلك الخطوات التي تسير بها الحكومة وكل القوى التي لها مصلحة ببرنامج الحكومة هذا، إن هذا السلوك الحكومي تجاه القطاع العام يتناقض مع المصلحة الوطنية العليا ومنها مصالح الطبقة العاملة السورية، ويفقد الوطن إمكانية المواجهة والمقاومة التي أكد عليها رئيس الجمهورية في خطابه أمام مؤتمر الصحفيين الذي أكد فيه على خيار المقاومة لمواجهة العدوان المحتمل على سورية، والذي لابد من الإعداد له إعداداً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وهذا الإعداد المطلوب لاتلبيه الخطوات الحكومية، بل تتناقض معه، فالمقاومة تحتاج إلى اقتصاد قوي يؤمن استمرار المعركة ويؤمن تقديم الاحتياجات الضرورية للشعب السوري حتى يستمر الصمود، المقاومة تحتاج إلى تأمين وحدة وطنية متماسكة وقوية، وهذه الوحدة الوطنية تحتاج إلى مجموعة من الإجراءات التي تعمل على تحقيقها وأن تصبح أمراً واقعاً وعلى رأسها المستوى المعيشي، والحريات الديمقراطية وحرية العمل السياسي وغيرها وغيرها.
فكيف ستستقيم الأمور وهي متعاكسة مع بعضها، ومن هنا فإن الاجتماع الذي سيعقده الاتحاد العام قريباً له أهميته من حيث الموقف الحازم الذي لابد للحركة النقابية أن تتخذه تجاه الخطوات التي تسير بها الحكومة من جراء لجنتها الجديدة التي شكلتها مؤخراً والتي تؤكد على إنهاء دراسة هذه اللجنة قبل 1/12/2006، فهل يعقل أن مصير القطاع العام ستقرره لجنة من الخبراء الحكوميين وغير الحكوميين خلال فترة وجيزة كما يقول قرار تشكيل اللجنة.
إن كل ماتقوم به الحكومة من إجراءات تجاه القطاع العام مناف للدستور السوري الذي ينص على الملكية العامة لهذا القطاع، فكيف سيعرضون هذا القطاع للبيع من خلال طرح أصوله الثابتة وغير الثابتة كأسهم، أي تحويله إلى الملكية الخاصة.
إن الحفاظ على الوطن قوياً يتطلب الدفاع عن قطاعه العام وتطويره وتحديثه عبر تخليصه من ناهبيه في كل المراحل الإنتاجية والتسويقية.
إن الحفاظ على الوطن قوياً يتطلب الدفاع عن مطالب الطبقة العاملة وحقوقها ومكاسبها والخلاص من مقولة (نحن والحكومة فريق عمل واحد).
إن الحفاظ على الوطن يتطلب من قيادة الاتحاد مراجعة تجربتها النقابية خلال الدورة الانتخابية واستنتاج الدروس والخطوات الضرورية التي ستمكن الطبقة العاملة  وحركتها النقابية من الحفاظ على الوطن قوياً اقتصادياً وسياسياً.