واقع العمالة السورية في لبنان، إلى متى الإهمال؟
يعود تواجد العمالة السورية في لبنان إلى وقت ليس بقريب. لكن التواجد الأكبر حصل بعد توقيع اتفاقية الطائف وبداية السلم الأهلي ذلك في بداية التسعينات من القرن المنصرم، إذ شهد لبنان زحفاً كبيراً لهذه العمالة وخصوصاً العمالة التي تجيد المهن الحرة (كالبناء ـ البلاط ـ النجارة ـ الدهان) وذلك لحاجة لبنان الماسة لهذه المهن خصوصاً في مرحلة البناء والتعمير.
فـ95% من هذه العمالة قادمة من الأرياف السورية لضيق سوق العمل في هذه المناطق بسبب فشل مشاريع التنمية الريفية، لكن العامل الأهم والحقيقي في خروج آلاف الناس إلى سوق العمالة في الخارج هو الفساد المجرم الذي مارسه حفنة من الخونة في حق الوطن السوري الذي خلق الآلاف من المهمشين، فكل ليرة مسروقة يقابلها عاطل عن العمل.
أما الفئة العمرية لهذه الشريحة المنتجة فتوصف باليد العاملة الشابة مع وجود عدد ليس بقليل من الأطفال الذين تحرم المواثيق الدولية عمالتهم، أما أماكن سكنهم فهي كالعادة المخيمات المكان التاريخي لتواجد الفقراء والمقهورين كمخيم صبرا وشاتيلا (يوجد فيه الآلاف) وبرج البراجنة وبئر حسن والضاحية الجنوبية مع عدد ليس بقليل في جنوب لبنان والأبنية المهجورة مخلفات الحرب المجنونة في لبنان وطبعاً جسر كولا المكان المفضل للمشردين.
أما الأعمال التي يمارسونها فهي أعمال الزراعة والبناء والتنظيفات (عمال سوكلين الذين يعيشون في مهاجع بشرية لاتصلح لأن تكون دورات مياه) والأعمال الحرة ونسبة قليلة في مجال المطاعم والفنادق.
لقد وفرت هذه اليد المنتجة على لبنان الكثير من المليارات باعتراف مسؤوليها وذلك لرخصها ومهارتها مقارنة مع غيرها وأدخل هؤلاء العمال الشجعان مليارات الليرات التي ساهمت في نهضة سورية وعمرانها وصمودها في الفترة السابقة لذلك يعتبرون من أهم مصادر الدخل القومي، لكن مع الأسف الشديد لا توجد أية جهة رسمية (شؤون العمال السوريين في لبنان لم يسمع به أحد على الرغم أنه تأسس عام 1977) أو غير رسمية وقفت إلى جانب هؤلاء العمال في تبني مطالبهم أو حتى إشعارهم أن هناك جهات تهتم بأمرهم.
أما بعد أحداث 14 شباط 2005 فقد تعرضت العمالة السورية للكثير من الانتهاكات الإنسانية كالضرب والتسريح التعسفي من العمل والترهيب وفي بعض الأحيان القتل بالإضافة إلى نزعة عنصرية مقيتة من بعض الأطراف اللبنانية مما جعل بعض المنظمات العالمية التي تتعلق بحقوق الإنسان تتحدث عن ذلك بمرارة.
أما المكافأة التي حصلت عليها هذه العمالة فهي ارتفاع قسيمة الخروج من 200 ل.س إلى 800 ل.س.
يجدر الإشارة أن تحويلات العمالة الفلبينية في الخارج تفوق 10 مليار دولار لذلك تعطي هذه العمالة الكثير من الامتيازات والتسهيلات.
إن العمالة السورية في الخارج هي اليد الشريفة والمقاومة التي لعبت دوراً في حماية سورية وتحصين سيادتها خلال تلك السنين عكس اليد الفاسدة والناهبة التي سرقت خيرات هذا البلد ووضعتها في بنوك أعدائنا فأي من هاتين اليدين يجب أن تُقطع؟