بصراحة هل البرنامج ضروري في الانتخابات النقابية؟!
اعتاد العمال خلال عقود على نظام انتخابي، وطريقة انتخابية لم يطرأ عليها تعديل أو تبديل في شكلها، ومضمونها، بحيث أصبحت العملية الانتخابية تحصيل حاصل لنهاية الدورة الانتخابية لابد من إجرائها تطبيقاً للقانون النقابي الذي ينص على ذلك.
ويمكن القول إن الانتخابات العمالية مناسبة هامة على صعيد دراسة التجربة النقابية خلال دورتين نقابيتين، واستخلاص النتائج الضرورية التي ستمكّن المناضلين النقابيين من الاستفادة منها في مسيرتهم القادمة، خاصة وأن التطورات المتسارعة على الصعيد السياسي والاقتصادي، تستوجب من الحركة النقابية أن تكون مستعدة للتصدي لكل ما يضر بمصالح الحركة العمالية، وكذلك بكل ما يمس اقتصادنا الوطني، وخاصة قطاعه العام الصناعي، الذي يزداد الهجوم عليه يوماً بعد يوم بأشكال وأساليب متعددة، تارة من تحت الطاولة، وأخرى بشكل علني بحجة إصلاحه، وتطويره، وفق سياسات ليبرالية متوافقة مع تعليمات صندوق النقد الدولي، وعلى رأسها تحرير الأسواق، وتحرير الأسعار، ورفع الرقابة التموينية، وتقليص الاستثمار في القطاع العام، وتجميد الأجور...الخ من القضايا. والخطورة تصبح أشد عند الدخول إلى منظمة التجارة العالمية.
إضافة لذلك فإن واقع الأجور وتدني قدرتها الشرائية، وعدم تمكين العمال من تأمين حاجاتهم المعيشية، وضعف الحوافز الإنتاجية، وعدم تطويرها، لأن واقع الشركات، والمعامل لا تسمح بعملية التطوير، وكذلك تردي بيئة العمل وواقع الصحة والسلامة المهنية، وكثرة الإصابات المهنية والمرضية للعمال، ووجود آلاف من العمال المؤقتين، مع حرمان الكثير من العمال من الوجبة الغذائية، وعدم تساوي العمال بعطلة اليومين.
كل تلك القضايا مجتمعة تتطلب سياسات حازمة في مواجهتها، وهذا لن يتم إلا بوجود مناضلين نقابيين همهم الأساس المصالح الوطنية، وكذلك الحقوق العمالية والدفاع عنها. والانتخابات العمالية مناسبة هامة للمناضلين العماليين لزيادة الاحتكاك بالعمال، ورفع مستوى الحوار، والنقاش داخل الحركة العمالية، وفي قواعدها، لشد اهتمام العمال للقضايا المطروحة، وهذا يتم من خلال طرح المرشح النقابي برنامجه الانتخابي، والدعاية له، فيبين فيه وجهة نظره، وطريقته التي سيتبعها في حال نجاحه للدفاع عن الحقوق العمالية ومكتسباتها.
وطرح النقابي لبرنامجه الانتخابي سيمكّن العمال من اختيار الأنسب، والأفضل الذي سيمثلهم، ويدافع عن مصالحهم على أساس ذلك البرنامج، وليس على أساس (القربى، الطائفة، الحارة، المنطقة... أو غيرها)، وهذا الشكل الانتخابي يعني تعميق شعور الانتماء للطبقة العاملة، وينمّي عندها الروح الكفاحية الجماعية التي ستمكّنها من الدفاع عن مصالحها المشتركة، ويمكن أن نقترح شكلاً أولياً لهذا البرنامج يستطيع المرشح تعديله وفق واقع كل موقع عمالي سواء في القطاع العام أو الخاص.
1 ـ الشعار الرئيسي للبرنامج الذي يكون عنواناً للمعركة الانتخابية، ودالاً على طبيعتها مثل الدفاع عن القطاع العام، محاربة الفساد، حماية الانتاج الوطني ـ زيادة الأجور.
في القطاع الخاص: زيادة الأجور ـ تحسين واقع وبيئة العمل، التأمينات الاجتماعية...الخ.
2 ـ مقدمة عامة: تكون مختصرة تدل على طبيعة المعركة السياسية الوطنية مع العدو الخارجي.
3 ـ في الحقوق والحريات النقابية (مثل ضرورة تشكيل قوائم ـ أن تكون القوائم الانتخابية مفتوحة، عدم التدخل في سير العملية الانتخابية من الإدارات أو غيرها ـ عدم ممارسة الضغوط من أجل قائمة بعينها...الخ).
4 ـ علاقات العمل.
5 ـ في الأجور وضرورة النضال الدائم من أجل زيادتها من مصادر حقيقية.
6 ـ المطالب الخاصة بكل موقع.
7 ـ حق الإضراب والاعتصام.
8 ـ حماية شروط العمل في القطاع الخاص، ومقاومة أساليب وطرق أرباب العمل في استغلال العمال، وتحريم الفصل التعسفي على أساس الاستقالة وبراءة الذمة المسبقة.
9 ـ ضمانات الصحة والسلامة المهنية، وبيئة العمل، وإجراء الكشف الطبي الدوري.
10 ـ مقاومة استغلال البطالة، والأطفال، والمرأة.
وأخيراً نقول: الانتخابات النقابية قادمة، وهي، فيما لو أنجزت بشكل عصري وحقيقي، السبيل لتعزيز وحدة الحركة النقابية والعمالية من أجل الدفاع عن كرامة الوطن والمواطن.
adel @kassioun.org