مرَّة أخرى.. لا أجور لعمال المؤسَّسة الهندسيِّة؟!
بذلت النقابات جهداً مضنياً مع الجهات الوصائية حتى استطاعت تأمين دفع أجور العمال المتأخرة في الشركات المتوقفة التابعة للمؤسسة العامة للصناعات الهندسية، والآن عادت أجور العمال لتطفو على السطح، وتصبح مشكلة حقيقية من جديد، مشكلة تمس حياة الآلاف من العمال وعائلاتهم.
كأن قدر هؤلاء العمال أن يبقوا رهينة توجهات الحكومة، وقراراتها المالية التي لا تسمح بدفع أجورهم مرة أخرى، باعتبار شركاتهم متوقفة، ولا تنتج، ولا يجوز دفع أجورهم من فوائض الشركات الأخرى (حسب القانون المالي الجديد)، مع العلم أن وزير الصناعة قد وعد بالاستمرار بدفع الأجور لحين تسوية أوضاع هذه الشركات، وذلك في اجتماع مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال الأخير. وفي الوقت نفسه تطلب رئاسة مجلس الوزراء من وزارة الصناعة اتخاذ الإجراءات الناظمة التي ستحل مشكلة هؤلاء العمال.. هل هي دفع أجورهم المستحقة، أم مساعدة الشركات المتوقفة لتعود وتعمل مرة أخرى، وبالتالي تتكفل بدفع أجور عمالها، أم أن هناك حلاً آخر سيهبط من السماء يوفر على الحكومة الأموال التي ستستثمرها في إصلاح حقيقي لهذه الشركات، وسيوفر عليها أيضاً دفع أجور العمال باعتبار هذه الأجور مشكلة بالنسبة للحكومة؟؟
إن زمن المعجزات السماوية لم يعد ممكناً طرحه الآن، بل ما يتم واقعياً يرتبط بتوجهات الحكومة و(برنامج إصلاح القطاع العام الصناعي الذي وضعته في الدرج)، وهما لا يشيران إلى إصلاح حقيقي لهذه الشركات. بل الحل الذي تراه الحكومة وفريقها الاقتصادي يكمن بالتخلص من هذه الشركات بصيغ مختلفة، هي في جوهرها خصخصة هذه الشركات والتخلص من «عبئها الثقيل» على ميزانية الدولة، مع أن وزير المالية ينفي توجه الحكومة لخصخصة الشركات، وذلك في لقائه مع الإعلاميين حيث قال: ليست هناك إجراءات لخصخصة القطاع العام الصناعي، ولكن حان الوقت لاتخاذ قرارات حاسمة بشأنه، والتي قد تكون في دائرة أيام قليلة، فهناك (260) مؤسسة وشركة اقتصادية يجب تطويرها، وانتشالها من المشاكل التي تعاني منها.
وبانتظار ذلك الحين الذي يتبين فيه للعمال الخيط الأبيض من الخيط الأسود وفقاً لما تعد به الحكومة (على الوعد يا كمون)، من أجل إجراءات إصلاحية للـ (260) مؤسسة وشركة، فإن الحكومة مطالبة بدفع أجور العمال، حيث لا ذنب، ولا مصلحة لهم بتوقف الشركات عن العمل، وإن من يتحمل المسؤولية الكاملة بهذا الخصوص هي الحكومة، الحكومة والإدارات الفاسدة لهذه الشركات التي أوصلت العمال والشركات إلى ما وصلت إليه. ومن هنا فإن نقابات العمال مطالبة مرة ثانية، وثالثة.. بالضغط على الحكومة لتأمين أجور العمال، ومستحقاتهم، والتي هي أصلاً لا تسد الرمق بسبب الغلاء الفاحش، فكيف حال العمال وعائلاتهم إذا عاشوا دون أجور؟!
الجواب برسم الحكومة.
■ ع.ي