نزار عادلة نزار عادلة

الحكومة تعلن إفلاسها وتطرح شركة الأحذية للاستثمار!!

طرحت وزارة الصناعة الشركة العامة لصناعة الأحذية للاستثمار وبمعاملها كافة، ووافقت رئاسة مجلس الوزراء على ذلك استناداً إلى توصية اللجنة الاقتصادية. والمبررات تقول إن الشركة تعاني من صعوبات فنية وإنتاجية ومالية، الأمر الذي أوصل الشركة إلى خسارات كبيرة، والحل هو الاستثمار باعتباره الطريقة الأفضل لاستمرار رواتب العمال. وتبارى في السباق نحو الاستثمار مجلس إدارة الشركة فقدم مبررات تقول إن الآلات الإنتاجية الموجودة مصممة لإنتاج الأحذية النمطية وبكميات كبيرة، وإن الإنتاج بكميات صغيرة لن يحقق الجدوى الاقتصادية بسبب ارتفاع التكاليف وعدم توفر الخبرات الفنية والإنتاجية لدى العاملين في الشركة.

واقع الشركة

تتوزع معامل الشركة في كل من درعا والسويداء والنبك ومصياف وتنتج الأحذية المتنوعة والبوط العسكري، وتعتمد على تنفيذ الطلبات الواردة إليها. تراوح إنتاجها في السنوات الأخيرة بين 500 ـ 600 ألف زوج، وعبر سنوات كانت قيمة الانتفاع من الطاقة المتاحة 25% وبلغت خسائرها مئات الملايين.

عانت الشركة في السنوات الأخيرة من جملة صعوبات أبرزها:

ـ انعدام السيولة المالية، ما أدى إلى التأخر في دفع الرواتب والأجور، وعدم تأمين مستلزمات الإنتاج، وقامت وزارة المالية بتسديد رواتب العاملين في الشركة عن عام كامل.

ـ تهرُّب بعض جهات القطاع العام من استجرار مخصصات عمالها من الأحذية من الشركة، واستبدالها بمنتجات أخرى.

ـ ارتفاع التكاليف وانخفاض الطاقة الإنتاجية جعل إمكانية المنافسة معدومة.

تحديث وتطوير معامل الشركة

في معمل أحذية درعا آلة حقن مباشر إيطالية الصنع موديل 2003 تحقن المواد التالية الداخلة في تركيب السفل: CR – CRU – PU، ويتم حقن هذه المواد على الوجه حقناً مباشراً.

الآلة مؤتمتة وحديثة وطاقتها الإنتاجية 500 زوج خلال ثماني ساعات فعلية، مزودة بنوعين من القوالب: قالب للأحذية العسكرية وآخر للمهنية (أحذية الأمن الصناعي) وتم توريده إلى المعمل عام 2006، ومواصفات السفل غير قابل للاحتكاك وغير قابل للانزلاق بالزيوت ويتحمل درجة حرارة فوق 180 درجة مئوية، غير قابل للكسر، ويتمتع بعازلية للكهرباء. وتعد هذه الآلة العصب الرئيسي للشركة.

إنتاج الشركة

منذ تأسيس الشركة في عام 1977 وهي تقوم بصناعة كل الأصناف من الأحذية الرجالية والولادية والعسكرية. والحذاء العسكري تنتجه آلة الحقن المباشر ذات التقنية العالية. وللشركة معارض في دمشق وغيرها من المدن، وعُرِف إنتاجها على مدى سنوات بالمتانة والقوة والسعر المنخفض قياساً إلى المستورَد أو المصنوع في القطاع الخاص.

النقابات تطالب!

منذ سنوات عديدة والنقابات تطالب رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصناعة بإصدار تعليمات إلى شركات ومؤسسات القطاع العام باستجرار حاجة عمالها من شركة الأحذية، وقد صدر أكثر من تعميم يطالب باتباع هذه الإجراءات، ولكن أكثر هذه الشركات لم يلتزم وكانت تفضل الاستجرار من القطاع الخاص، علماً أن بعض جهات القطاع الخاص كانت تتعاقد مع شركة الأحذية لاستجرار حاجة الشركات، وهنا يجب البحث عن الفساد والسمسرة، الذي لم تعمل ولم تستطع الجهات الوصائية رصده.

أعذار وحجج أخرى

تقول الجهات الوصائية إن طرح الشركة للاستثمار جاء بسبب عدم تطوير الآلات وعدم تصميم موديلات جديدة تلبي رغبة المستهلك، وارتفاع سعر التكلفة الذي يعود بالدرجة الأولى للنفقات الإدارية الكبيرة، وشراء المواد الأولية المخالِفة للمواصفات، الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع نسبة الهدر. وكذلك تراجع عدد اليد العاملة والترهل الموجود كارتفاع الأعمار والأمراض المهنية المنتشرة.

نتساءل بمرارة

هل هذه الأعذار منطقية ومقبولة عندما تطرحها الجهات الوصائية؟ إن في ذلك جانباً مثيراً للسخرية، والسؤال الحقيقي: لماذا لم تعمل الجهات الوصائية لتطوير الآلات، وهل هي معقدة بحيث جعلتنا في عجز عن تطويرها؟ وإذا كانت الجهات الوصائية تشكو من النفقات الإدارية الكبيرة، فلماذا لم يتم رصد هذه النفقات؟ ولماذا لم يحاسَب من اشترى مواد أولية مخالفة للمواصفات؟

الحكومة تقول لنا بشكل واضح: لقد وصلنا إلى العجز الكامل أمام من يسرق وينهب القطاع العام، ووصلنا إلى العجز الكامل أمام تطوير الشركة بمبالغ بسيطة، ووصلنا إلى العجز الكامل لعدم استطاعتنا إجبار مدراء شركات القطاع العام على الاستجرار من شركة الأحذية، ووصلنا إلى العجز الكامل لعدم استطاعتنا إيفاد مجموعة عمال إلى دول أوروبا للاطلاع على الموديلات الجديدة التي تلبي رغبة المستهلك. ولكنها فقط تشكو من النفقات الإدارية ومن الهدر.

ما المصير؟

الشركة طُرِحت للاستثمار بمعاملها الأربعة، والسؤال: أي قطاع خاص يستثمر أربعة معامل؟ ويتساءل عمال الشركة: لماذا لا تتقدم مؤسسة معامل الدفاع للاستثمار؟ طالما أن المؤسسة مازالت وحتى الآن تستجر ملايين الأحذية سنوياً للجيش والشرطة. وهذه الأحذية متميزة حقيقة.

من أين يستجر الجيش احتياجاته السنوية من الأحذية؟ من القطاع الخاص. من أين يستجر سلك الشرطة؟ من القطاع الخاص. من أين يستجر عمال شركات القطاع العام مخصصات الأحذية السنوية؟ من القطاع الخاص. هكذا يتم ضرب وتصفية الشركة الإنتاجية وهكذا تثبت الحكومة عجزها الكامل عن حل أية قضية اقتصادية في سورية.

آخر تعديل على الإثنين, 25 تموز/يوليو 2016 14:29