البطالة.. طريق الشباب الأسرع إلى التهميش
الحكومة اليوم أمام تحد ٍكبير يتمثل بقدرتها على إدارة القوى العاملة، والقضاء على البطالة، وتنمية الموارد البشرية، عبر التحكم بثروات الوطن، وضخ استثمارات جديدة على الاقتصاد، قادرة على فتح جبهات عمل، لاستيعاب المتدفقين إلى سوق العمل، فالعاطلون عن العمل يريدون خطوة جريئة من حكومتهم تكفل تأمين فرصة عمل لهم، عبر دفع عجلة الاقتصاد بالاتجاهات التي تعزز الاستثمار والإنتاج.
الوعود كبيرة، وواقع التشغيل في سورية قضية مركبة، وخصوصاً في انتقاء الخبرات والموارد البشرية، وهي عناوين واضحة أطلقتها وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في تصريحاتها الأخيرة حول فرص التعيين الجديدة التي قد لا تطال الفئة الأعلى من النسبة الأكبر في البطالة، وهم بين عمر (30)عاماً و(37)عاماً، حيث جاء في حديثها أنها تبحث عن آلية في توظيف الجامعيين الذين لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين، بينما حرمت الحكومة منذ فترة الجامعيين الذين لم تتجاوز معدلاتهم درجة الـ (60%) من الترشح للوظائف الحكومية.
يتوجب على الحكومة اليوم الاستفادة القصوى من إمكانياتها المحدودة، والمساهمة في تعزيز الاستثمار، وتنمية الموارد البشرية لردم الهوة الكبيرة في معدلات البطالة التي تشكلت في السنوات السابقة، وعليها أن تكافح من أجل التنوع في الإيرادات، فاختيار القوى العاملة محصور إلى الآن بتلبية متطلبات نوعية محدودة لسوق العمل، ولا تبنى على التخطيط، وإن إهمال فئات كبيرة عاطلة عن العمل كاختصاصات مهمة في سلك الصناعة، أو التعليم، أو حيوية في تقديم المعلومات للطلبة مثل اختصاص الكيمياء التطبيقية، والذين حرموا من التقدم لمسابقات وزارة التربية بحجة أنه اختصاص عملي، وهؤلاء يطلق عليهم ما يسمى بالنظام القديم، والدولة لم تفتح مسابقات تذكر لتعينهم في معامل ومخابر الدولة إلا مرة واحدة، والتي أجرتها وزارة الصحة، وجزء كبير منهم لم يؤخذ مباشرة إلى العمل إلى الآن، وأعمالهم مقتصرة على التوكيل في المدارس بنظام الساعات أو في المعامل الخاصة تحت رحمة أرباب العمل.
هذه العشوائية تنتج عن الضعف في التخطيط، ويجب على الحكومة الاستفادة القصوى من جميع الكفاءات والخبرات وخصوصاً هؤلاء الذين جردوا من دراستهم وهم بحاجة إلى ديناميكية عالية التخطيط في زجهم وإعادة صهرهم والاستفادة منهم لأنهم جزء من الثروة الوطنية .
فعدم إلزام قانون التقاعد المبكر، يجعلنا أمام معضلة كبيرة، وهي عدم قدرتنا على الاستفادة من كفاءات الشباب، فالموظف القديم سيبقى، وتغيب الخبرات الجديدة، وهذا يتنافى مع تأكيدات الحكومة -في خططها- على أولوية تنمية الموارد البشرية كأساس لإحداث التغيرات اللازمة في الاقتصاد السوري..
ونرى غياباً تاماً لدور الحكومة في تنفيذ سياستها المتعلقة بتنظيم سوق العمل، والقضاء على البطالة، في الخطة الخمسية العاشرة، ونرى عجزاً كبيراً لدور مكاتب العمل التي أحدثتها الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص كخطوة للقضاء على البطالة، ولكن هذا الأخير لم يلتزم بالتشغيل عن طريق هذه المكاتب مما جعل عملها يقتصر على الفرص القليلة التي تتيحها الدولة، كما فشلت قروض القضاء على البطالة ودعم مشروعات الشباب في المساهمة في الحد من البطالة، ومعالجة مشكلاتها والبطالة تتزايد.
إذاً إن الحلول السابقة لن تساهم في الحد من معالجة هذه الظاهرة التي تشكل الشرخ الأكبر اجتماعياً والمطلب الأبرز للمواطنين الذين يتهاوون كلما جاءت تصريحات حكومية ويشعرون بأنها لا تمسهم أبداً