عرض العناصر حسب علامة : الموازنة العامة

د. حيان سلمان لقاسيون: موازنة 2010 متراجعة مقارنة بتطور الناتج الإجمالي

أقرت الموازنة العامة للعام 2010 في وقتها المحدد وفق المهلة الدستورية التي حددها الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية، على غير عادتها، وقد ارتفعت القيمة الإجمالية  لها من 685 مليار في العام 2009 إلى 754 مليار في العام 2010 بزيادة مقدارها 10% .
والحقيقة أن هناك تحفظات كبيرة على بنود هذه الموازنة التي تجاهلت زيادة الرواتب، وخفضت اعتمادات قطاعي الصحة والتعليم، وحافظت على أرقام عجز كبيرة رغم زوال مبررها، أما البنود الإيجابية فيها فتقييمها النهائي سيتم من خلال التنفيذ الذي يمكن أن يفقد الشيء الايجابي المقرر في الموازنة العامة حسناته المفترضة.

مضاعفة ناتجنا أم مساواته مع اقتصادات ضعيفة؟!!

كعادته، يتحفنا النائب الاقتصادي بين الحين والأخر بإبداعات اقتصادية، ليحرضنا للرد على أطروحاته، وليشعرنا بالحراك الاقتصادي الوهمي بفعل غزارة الردود التي تتناول بها الصحافة أقوال السيد الدردري سلباً وإيجاباً، كلٌّ على اختلاف زاوية الرؤية والمعطيات التي يمتلكها، ليكون ذلك بديلاً عن الحراك الحقيقي المفترض في الاقتصاد السوري.. وقد أشار النائب الاقتصادي عبد الله الدردري مؤخراً إلى أن «الناتج المحلي الإجمالي في سورية كان أقل من 24 مليار دولار عندما بدأت الخطة الخمسية العاشرة»... مضيفاً: «نحن ذاهبون في 2015 إلى ناتج محلي أكثر من 100 مليار دولار، وسيكون اقتصادنا أكثر من مجموع اقتصادي لبنان والأردن»... وتابع: «أنا أعتقد أننا نملك اليوم من المصداقية ما يسمح لنا بالقول بأن ما نعد به في عام 2015 سوف نحققه».

المستوى المعيشي للسوريين بين التسويف بـ«الرفاهية»حكومياً.. وتوسع دائرة الفقر عملياً

عندما سئل النائب الاقتصادي خلال مشاركته في اجتماع الهيئة العامة الخامسة لغرفة صناعة حمص: لقد تكلمتم عن إنفاقات استثمارية هائلة، من أين سيتم تأمين الموارد لهذه الإنفاقات أمام عجز الخزينة عن تأمين زيادة الرواتب التي وعدت بها الخطة الخمسية العاشرة، وعدم التمكن من رفع المستوى المعيشي للمواطن؟! ... فأجاب الدردري نافياً وجود عجز في الخزينة، معتبراً أن عجزها لا يمكن أن يتعلق بإمكانية زيادة الرواتب، مضيفاً: «أما بالنسبة للمستوى المعيشي للمواطن الذي أصبح لديه فائض سيولة في المصارف، فهناك إيداعات بلغت 400 مليار ليرة سورية لحسابات دون المليون ليرة سورية، فلو أن المواطن بحاجة لأستجر مبالغ من الإيداعات، مؤكداً زيادتها من 200 - 400 مليار ليرة، وهذا مؤشر على ارتفاع المستوى المعيشي للمواطن السوري، والمؤشر الآخر ينحصر بسؤاله: كيف استطاعت أكثر من 200 ألف أسرة سورية من تدريس أولادها في التعليم الموازي»؟!

إضراب عمالي إيطالي مرتقب احتجاجاً على التقشف

دعا أكبر اتحاد عمالي في إيطاليا الأربعاء 9/6/2010 إلى إضراب عام أواخر هذا الشهر احتجاجاً على إجراءات تقشفية بقيمة 30 مليار دولار خلال العامين المقبلين لخفض عجز الموازنة العامة تبنتها حكومة سيلفيو برلسكوني نهاية الشهر الماضي.

الموازنة ليست مجرد أرقام

تعكس أرقام موازنة 2010 والنقاش الذي يدور حولها واقع الاقتصاد السوري اليوم، وهي إن كانت تعكس من جانب الطريقة التي يدار بها الاقتصاد السوري، إلاّ أنها من جانب آخر، تعكس آفاق تطوره المحتملة خلال الأمد المنظور..
لذلك لابد من معالجة بعض الأرقام وما تحمله من دلالات.

في دير الزور... ضرائب محلية جديدة والقادم أعظم!!

مع أنّ كثيراً من كبار الاقتصاديين والشرفاء في سورية يؤكدون أنّ (التهرب الضريبي) من القطاع الخاص وكبار التجار، يبلغ حوالي مائتي مليار ل.س سنوياً، وهي كافية لتغطيةِ أكبر جُزءٍ من عجز الميزانية العامة، ويمكن أن تسهم أيضاً في زيادة مجالات الاستثمار للدولة، إذا وُظفت بشكل صحيح، وستتحقق زيادة حقيقية في نِسب نمو الدخل الوطني يمكن أن تنعكس فعلياً بشكل إيجابي على المعيشة اليومية للمواطنين، وستحل معظم المشاكل كتوفير فرص عمل تستوعب جيوش البطالة الرابضة تحت حدود الفقر، وتزداد باستمرار بدل أن تنخفض. ورغم ذلك فالحكومة وطاقمها الاقتصادي ومن ورائها، يعمقون المشكلة، فيُمنح من يُسمَّون مستثمرين، وأغلبهم وهميون، الإعفاءات المتعددة، بينما تُفرض كل يوم الضرائب الجديدة على المواطنين، بدل أن تخفف عنهم الأعباء التي تتراكم باستمرار!

رفاه بريطانيا.. وداعاً!

على خطى «خنازير PIGS» أوربا: (البرتغال وإيرلندا واليونان وإسبانيا)، وفي خطوة قد تضع نهاية لدولة الرفاه، أعلن وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن عن خفض كبير في الموازنة يصل إلى 80 مليار جنيه إسترليني (125.7 مليار دولار)، يطال الإنفاق الحكومي، ويحدد مستقبل الاقتصاد البريطاني والحكومة الحالية.

استثمارات «الحادية عشرة» تُمول بالسندات.. فأين الإصلاح الهيكلي للاقتصاد إذاً؟!

سورية تطلق للمرة الأولى أذونات وسندات الخزينة، لتعلن بذلك بدء مرحلة الاقتراض الداخلي، بعد أن وصل الدين العام لسورية في العام 2009 حسب قطع حسابات الموازنة العامة إلى 25.5% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أن المديونية سترتفع بعد طرح هذه الأذونات والسندات، وهذا يدفعنا للتساؤل عن موجبات الطرح الحالي، ومبررات الاستدانة، فهل هو لسد عجز في الموازنة العامة التي لم تتعدَّ 42 مليار ليرة مقارنة بـ217 ملياراً متوقعاً سابقاً؟! أم هو دين لتمويل المشروعات؟! وما هي نوعية هذه المشروعات؟! وما المدة الزمنية التي ستسترد بعدها الجهات المُقرضة ديونها؟! فإجابات هذه الأسئلة هي التي ستوجد مبرراً لهذا الاقتراض، أو ستكون الداعي الأول لرفضه!.

من المسؤول؟!

من المسؤول عن نهب 20% إلى 40% من موازنة الدولة؟ وعن كون نسبة 14% من الشعب السوري تعيش تحت الحد الأدنى للفقر، وكون ما بين 14% إلى 20% عاطلين عن العمل؟