الذهب الأبيض... هل ينتظره مصير أسود.. بعد رفع سعر المازوت؟!
يعاني مزارعو القطن في منطقة الجزيرة في سورية، من مشكلة ارتفاع تكاليف الإنتاج، بسبب رفع الدعم عن المازوت، هذه الضربة القاضية التي جاءت مكملة للأزمات المتتالية التي ألمت بالمواطنين في هذا البلد بشكل عام، ومزارعي المنتوجات الإستراتيجية بشكل خاص، بسبب السياسات الليبرالية الهدامة التي ينتهجها الفريق الاقتصادي في الحكومة، والتي تعمل جاهدة لإلغاء الدور الرعائي الذي تقوم به الدولة لجميع العمليات الإنتاجية الداعمة لاقتصاد وأمن الوطن، في الصناعة والزراعة، ضمن خطط وقرارات يتخذها هذا الفريق، ويتم تنفيذها بلا خوف من المراقبة أو المحاسبة، بحجة أنه مغطى ومدعوم بقرار سياسي، فما هي الأعباء والتكاليف التي يكابدها مزارعو القطن نتيجة رفع سعر المازوت؟!
للإجابة عن هذا السؤال نقدم هذه الدراسة الإحصائية التي وافانا بها مكتب «قاسيون» في الجزيرة:
بما أن أراضي الجزيرة تحتوي على مساحات واسعة، فإن متوسط الحيازة الزراعية للمزارع تبلغ 150 دونماً، مجهزة مسبقاً ببئر ارتوازية، تكلفتها كالتالي، (الحساب للدونم الواحد في الموسم الواحد):
1ـ كلفة حفر البئر مع تنزيل قمصان 300.000 ل.س ÷ 20 سنة العمر الافتراضي للبئر ÷ 150 دونماً = 100 ل.س.
2ـ المضخة استيفانو بقيمة 200.000 ل.س ÷ 10 سنوات العمر الافتراضي للمضخة ÷ 150 دونماً = 133.3 ل.س.
3ـ المحرك سكانيا Dlll بقيمة 150.000 ل.س ÷ 10 سنوات العمر الافتراضي للمحرك ÷ 150 دونماً = 100 ل.س.
فيكون مجموع الكلفة الثابتة السنوية للدونم 100 + 100 + 133.3 = 333.3 ل.س.
تروى هذه الأرض بواسطة محرك السكانيا Dlll المنصوب على مضخة البئر ويستهلك 16.5 لتراً من المازوت في الساعة، حيث يروي 0.85 من الدونم، أي يحتاج كل دونم إلى 20 ليتر من المازوت، وقيمتها 20 × 25 = 500 ل.س.
وتكون قيمة المحروقات لري دونم واحد 12 مرة 500 × 12 = 6000 ل.س.
تستهلك إضافة لها 10 % من قيمتها زيوت أي 600 ل.س. ويكون مجموع الكلفة في الموسم الكامل للدونم الواحد كما يلي:
الكلفة بالليرة السورية
• التكلفة الثابتة (بئر+ مضخة+ محرك) 333
• فلاحة أولية (سكة أو قرصي منحرف) 200
• تبريد الأرض وتهيئتها بالديسك 60
• تنعيم الأرض بهارد بإطارات مطاطية 25
• جلي الأرض وتسكيبها تمهيداً للسقاية60
• قيمة البذار للدونم الواحد (12 كغ×40) 480
• الزراعة بواسطة بذّارة القطن 40
• مبيدات أعشاب للدونم الواحد 200
• سماد للدونم الواحد (40 كغ×7.5 ) 300
• تكلفة السقاية (12 رية×500 )6000
• قيمة زيوت للمحرك والمضخة 600
• تفريد وتعشيب أولي (أجور عمال فقط) 1250
• أجور نقل العمال (جلب وتوصيل للبيت) 585
• تفريد وتعشيب دفعة ثانية 1835
• أجور قطاف (6 × 400 كغ/دونم) 2400
•قيمة الشلول (3 شلول/دونم × 80) 240
• أجور تحميل (60 ليرة للشل الواحد×3) 180
• أجور نقل (100 ليرة للشل الواحد×3) 300
• مصاريف مختلفة للمتابعة وتأمين العمل 335
• أجور الأرض (بدل ضرر أو ضريبة نفع 200
• مجموع المصاريف السابقة 15623
• فائدة رأس المال المصروف: المجموع × 4 % 625
• مجموع تكاليف الإنتاج للدونم الواحد 16248 ل.س
وإذا علمنا أن إنتاج الدونم الواحد في الجزيرة وسطياً يبلغ 400 كغ من القطن، والحصة المتعارف عليها للجنّان (عامل السقاية) هي 13 % من الإنتاج، أي حوالي 52 كغ، وتبقى الحصّة النهائية للفلاح من إنتاج الدونم 348 كغ. وتكون تكلفة الكيلوغرام الواحد 16248÷348=46.65 ل.س.
من هنا يجب تسعير كغ القطن انطلاقاً من هذه التكلفة، مضافاً إليها 9.35 ل.س. وهي هامش الربح البالغ 20 % من تكلفة الإنتاج، كما كان سائداً، والذي يضمن للفلاح الحد الأدنى للمعيشة، مع القدرة على إعادة إنتاج هذا الموسم في العام القادم، وبذلك يجب أن يكون سعر كغ القطن في الجزيرة 56 ل.س.
نشرت «قاسيون» في العدد السابق رقم 357 الصادر بتاريخ 24/5/2008، إحصائية بينت أن سعر كغ القطن في منطقة الغاب يجب أن يكون 62 ل.س. ونظراً للتفاوت الكبير في الحيازات الزراعية بين منطقتي الغاب والجزيرة (حيازات شاسعة في الجزيرة، صغيرة ومحدودة في الغاب)، ونظراً للتفاوت في تكاليف الري والحراثة، فلا مانع من أن يكون هناك سعران للقطن: 62 ل.س/كغ في الغاب، و56 ل.س/كغ في الجزيرة. وإذا أرادت الحكومة تلافي الإشكالات المتوقعة جرّاء ذلك فليكن السعر وسطياً بينهما أي 60 ل.س. بينما كانت الجهات الحكومية قد أصدرت قراراً برفع سعر القطن من 30 ل.س في الموسم الماضي إلى 36 ل.س لهذا الموسم. ولكن هذه الزيادة محبطة ومخيبة للآمال ولا تتناسب مع الزيادة الكبيرة في تكاليف الإنتاج. لذا يجب إعادة النظر بالسعر العادل الذي يضمن للفلاح الاستمرار بعملية الإنتاج. وفي ذلك دعم وحماية للزراعة الإستراتيجية واقتصاد الوطن، وصون لكرامة الوطن والمواطن.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.