تشجيعاً للفساد.. قرارات وقوانين تشرعن السمسرة!!
صدر عام 1979 المرسوم رقم /51/ القاضي بقبول الوسطاء والسماسرة في جميع أنواع العقود الخارجية، وفي 7/2/1980 صدر بلاغ تفسيري عن رئاسة مجلس الوزراء موضحاً أحكام المرسوم، وكان منتظراً من المرسوم والبلاغ أن يقضيا أو يحدا من نشاطات السماسرة، وينظما مفاهيم التعامل بالوكالة مع المنتج أو المصدر أو البائع.
لكن شيئاً من هذا لم يتحقق. واستمر نشاط السماسرة واختفوا خلف أسماء وشركات لا وجود لها، ومكاتب لا علاقة لاسمها بما يمارس في داخلها، وبدأ الفساد والإفساد لقطاع كبير من الإداريين وغير الإداريين. فقبل وأثناء كل مناقصة أو طلب عروض أسعار ينشط هؤلاء السماسرة والوكلاء، بدءاً بمحاولة الحصول على دفتر الشروط وطلب العروض، أو الاستفسار عنه، وانتهاء بالدس على القرار.
الأسوأ من ذلك دور السمسار في استغلال بعض الإداريين الذين له بهم علاقة، أو أن استخدام بعض الذين كانوا يعملون سابقاً في مؤسسات القطاع العام لخبرتهم السابقة للحصول على امتياز السمسرة لمصلحة الشركات الأجنبية التي تعرفوا عليها خلال عملهم.
ولكن ماذا جرى؟
صدر القانون رقم /15/ لعام 2001 ويقضي هذا القانون بإلزام الشركات العارضة لتوريد المواد الأولية لشركة الإطارات مثلاً: علماً أن جميع المواد الأولية الداخلة في صناعة الإطارات مستوردة وعددها /100/ مادة. القانون /15/ يلزم الشركات باعتماد وكلاء، أي شرعنة السمسرة، واعتماد وكلاء يحمل الشركة أعباء مالية إضافية على أسعار المواد الأولية. حول هذا الموضوع قال محمد سونل رئيس نقابة عمال الصناعات الكيماوية في حماة:
لماذا لم تجر إعادة النظر بمثل هذا القانون؟ الذي في إلغائه مصلحة للصناعة الوطنية؟ وتابع سونل قائلاً: المعادلة تغيرت في ظل تحرير التجارة منذ بداية عام ،2005 والمنافسة الشديدة للسلع الوطنية ولا سيما في سوق الإطارات الداخلة إلى سورية بأشكال وأساليب متنوعة، ومن مصادر عديدة تكاد لا تحصى، ومن أصناف وعلامات تجارية معروفة وغير معروفة.
وفي ظل هذه السوق عانت الشركة من إرباكات تسويقية وإنتاجية أوقعتها في خسارات متلاحقة. وتساءل: لماذا تمَّ إصدار القانون /42/ لعام 2006 وهو قانون حماية المنتج الوطني، ولم يعمل به ويفعل؟ ألا تستحق الصناعة الوطنية الحماية بنسبة 1% من حجم السوق الوطنية، وهذه النسبة بالنسبة لشركة الإطارات تعادل 80% من كافة العمل في الشركة.
وهكذا فالقانون /51/ لا ينفذ، ويجري التحايل عليه، وقد صدر قانون بإلغائه، ومن نتائجه ما شاهدناه في شركة الإطارات، المهددة بالتوقف في أي يوم، بسبب فقدان المادة أولية، وعدم الحصول عليها إلا بمشقة وعن طريق الوكيل السمسار. في حين أن القانون /42/ لم ينفذ، وهو يحمي الصناعة الوطنية.
وفي شركة أخرى ماذا نجد؟
عشرات التجار والسماسرة يتدافعون يومياً أمام أبواب شركة السماد بهدف الحصول على امتياز التوريدات والسمسرة، وقد أوقفت الجهات الوصائية مؤخراً المدير العام وبعض الإداريين والسمسارة في صفقة فساد، حول أبراج التبريد لمعمل أمونيا يوريا، وهي واحدة من القصص التي تبين مدى الفساد الذي استشرى في الشركة العامة للأسمدة، لقد تمت ترسية المشروع على شركة سنيك التركية بقيمة مالية تقارب /50/ مليون ل.س، وهذه الشركة وكيلها المهندس عزيز خليل، وهو أحد مدراء المعمل في السنوات السابقة، وتحول إلى سمسار لشركات أجنبية، وبغض النظر عن طريقة الترسية، والشركات التي تقدمت بعروضها، فإن ما حصل يبين تواطؤ الإدارة المطلق مع الشركة المنفذة على حساب دفتر الشروط، وفي المقابل عندما يطالب العمال بحق من حقوقهم مثل اللباس، أو الوجبة، أو العمل الإضافي، أو أي مطلب يعود عليهم بالفائدة المادية والمعنوية، ويزيد من ارتباطهم بالعمل، فإن الإدارات غالباً ما تجد الكثير من الحجج والمبررات غير المقنعة لعدم تلبية هذه المطالب!! وفي المقابل أيضاً فإن هذه الإدارات تتغاضى عن مئات الملايين التي تصرف كثمن لمواد خام أولية وطاقة كهربائية وحرارية مهدورة خلال عمليات الإنتاج، حتى أنها تجتهد في إيجاد كل المبررات الفنية الكافية لصرف مئات الملايين على مشاريع ومعدات مستوردة لمعالجة نتائج الهدر، مع تعمد المحافظة على أسبابه وذلك لأن هذه المشاريع المعتقلة تمكِّن الإدارات من كسب المال لمصالحها الشخصية، ومصالح من يحميهما ويبقيهم في مناصبهم وعندما تأتي إدارة تخالف هذا النهج، وتدعم حقوق العامل وتكافح أسباب الهدر ونتائجه، وتوقف المشاريع الخلبية يتم أقالتها.
هكذا نحارب الفساد!!!