إذا تكلم «الدردري»..
في لقاء مع النائب الاقتصادي السابق «عبد الله الدردري» أجراه موقع «the SYRIAPAGE « بتاريخ 16-2-2013، طرح الدردري رؤيته حول المحور الاقتصادي في مشروع الحوار السوري القادم.
نستعرض هنا قراءتنا لطرح «الدردري» مع اقتباسات من أقواله..
يبدأ عبد الله الدردري طرحه حول المحور الاقتصادي في الحوار السوري من النقطة التي ينتهي عندها، وهي إعادة الإعمار..
فإعادة الإعمار تؤجل البحث والاختلاف حول شكل الاقتصاد بين الأطراف المتحاورة حسب الدردري، وهو كلام دقيق..
لأن إعادة الإعمار بالشكل المطروح تحدد شكل الاقتصاد السوري بشكل نهائي لتربطه بشكل حتمي «بالمانحين»..عبر قروض يجب أن «نستعد لها»، لأنها ستوصل الاقتصاد السوري إلى مديونية بنسبة 20 % من الناتج المحلي الإجمالي. وبرأي الدردري أننا «قادرين على تحملها».
يعلن النائب السابق وموظف المنظمات الدولية الحالي أن «فجوة التمويل» هي عنوان المرحلة اللاحقة وأن الحاجة إلى 150 مليار دولار لإعادة الإعمار تتطلب «بيئة استثمارية وانفتاح عالمي واسع التوجه»..
أما جهة الدول الداعمة والمانحة فتحددها الظروف اللاحقة..
ولكن بالمقابل يقدم الدردري عرض البنك الدولي، فبحسبه البنك مستعد أن يقدم 10 مليارات دولار مقابل الشروط التقليدية لصندوق النقد والبنك الدوليين. تلك الشروط التي يقول عنها الدردري أننا «لم نقبل بها سابقاً لكننا مجبرون عليها اليوم من أجل إعادة الإعمار» حسبما يرى..
يتكلم الدردري بلغة الراكبين على الدماء والدمار.. ليقول بوضوح أن الدمار «سيثمر» النتائج الاقتصادية التي لم نستطع أن نجنيها قبله، فالبرنامج الاقتصادي الدولي سيمر تحت يافطة إعادة الإعمار..
التمويل بالعجز
ينطلق النائب السابق من إعلان فجوة التمويل القادمة حوالي 150 مليار دولار، ويؤكد أنه بما أن الدولة السورية ستكون غير قادرة على تأمين هذه الموارد فإن البحث عن الإعانات لإعادة الإعمار التي يقدر زمنها بخمس سنوات، هي سمة المرحلة التي يجب أن تسبق تحديد شكل الاقتصاد.
تأمين هذا المبلغ سيكون «بالقروض والإعانات والاستدانة»، لذلك الخطوة الأولى المطلوبة بحسب الدردري هي تأمين البيئة الاستثمارية المنفتحة عالمياً، بالإضافة إلى توسيع الحريات السياسية..
لماذا الحريات السياسية؟! بحسب الدردري لن تكون الدولة قادرة في تلك المرحلة أن ترمم وتعوض ما سينتج ضغطاً شعبياً.
يقول الدردري: «لن تستطيع الدولة أن تعيد المواطن إلى منزله الذي دُمّر بالتالي لكي تتجاوز الناس آلامها يجب أن يكون هناك حالة من الحرية السياسية ومساحة ليعبر المواطن عن ذاته سياسياً ليتحمل أنه بسبب الظرف ليس من الأولويات الاقتصادية.»
أي أعط الناس حرية الكلام وخُذ قدرتهم على الفعل..أثقلهم بالديون وضع الجهات المانحة في أولويات الاقتصاد.. هذا هو المنطق الاقتصادي الذي يجره الدمار والراكبين على برامج الإعمار، والذي يوضحه «عرّاب» الليبرالية الاقتصادية بإشارات بارزة.
يكمل الدردري بأن «الدين العام سيصل الى 25% ونحن قادرون على تحمله، وشروط تمويل 10مليار دولار سنوياً رقم مؤمن عالميا، البنك الدولي يمكن أن يقدم الدعم اللازم والشروط التي يطلبها مع الصندوق أصبحت واقعاً طبيعياً بسبب الأزمة»
يتكلم الدردري عن شروط إعادة الهيكلة التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد، التي فُرضت على أغلب دول العالم الثالث مقابل الإقراض والتمويل والمساعدات، والتي أنتجت دولاً هشة ومجتمعات مفككة واقتصادات ضعيفة وتابعة (كما في حالة «مصر مبارك» و«ومرسي» عما قريب، تونس، الصومال، ودول أميركا اللاتينية أثناء حكم الديكتاتوريات العسكرية فيها، وأحدثها اليونان وغيرها الكثير...)
لم تستطع المنظمات الدولية أن تفرض هذه الشروط بكاملها على الاقتصاد السوري، على الرغم من سعي حثيث من الدردري وفريقه بدعم العديد من المرتبطين بالمشروع الغربي الليبرالي في سورية..حيث أعاقت ميزات اقتصادية نسبية لسورية في بداية الألفية الثالثة، إمكانية فرض كامل لهذه الشروط، فكان لدى الاقتصاد السوري على سبيل المثال مميزات مالية سحبت مفعول ورقة الضغط الرئيسية وهي الحاجة إلى المساعدات والاستعانة بالخارج، مثل انخفاض المديونية السورية وانخفاض عجز الموازنة، ووجود احتياطي كبير من العملات الأجنبية.
استطاعت قوى الليبرالية وفريق عملها في الداخل السوري أن تهز بعضاً من هذه الميزات قبل الأزمة، فازداد عجز الموازنة وتراجع دور الدولة، وسحب جزء من الدعم، واهتز القطاع العام بشكل جدي في بعض المواقع..
أما الميزات المتبقية فقد أزاحتها الأزمة والدمار من درب الليبراليين والمنظمات الدولية.
لذلك نلمس في كلام الدردري بعضاً من «التشفي» ليقول..
«عملياً خسرت سورية مواصفات كانت تمتلكها، فكان لديها أقل مديونية بالعالم لكن هذه الأمور انتهت، وعجز الموازنة 1,7 % سيقفز الى 16% أما العملات الأجنبية فانتهت أو ذهب ثلاثة أرباعها، كيف سنقوم بالأعمار إن لم نستدن؟!»
«في النهاية فإن الكثيرين يخافون من شروط البنك الدولي لكن الواقع يقول إننا لانستطيع الإعمار دون قروض.»