«الليبرالية الاقتصادية» نقطة تلاق على «طاولة الحوار»..
تقترب في سورية طاولة الحوار والحل السياسي، ويزداد وضوح نقاط الالتقاء الجوهرية بين الأطراف الرئيسية التي تبدو شديدة التناقض ظاهرياً. ويكمن التلاقي تحديداً في رؤية هذه الأطراف لبناء سورية، لتذكرنا مؤتمرات اقتصادية تعقد في الخارج بمؤتمرات عديدة عقدت في الداخل منذ أن طُرح «الإصلاح الاقتصادي» كضرورة.. وفي الحالتين كلتيهما تتشابه العقلية شكلاً من حيث أولوية الجوانب الإدارية وفي حين تتشابه من حيث المضمون لجهة تجاهل دور الدولة وتهميشه والتركيز على قوى السوق كلاعب رئيسي..
ولعل الأوضح في ذاك المشترك هو الإشراف والمساهمة الدولية، والاهتمام العالمي بـ«إصلاح اقتصادي» في سورية، والأهم هو الربط مع التوجه العالمي الذي كان عنوانه في حينها ضرورة «الاندماج الهيكلي» الذي أخذ شكل ضرورة الاندماج غرباً ضمن منظومة وأدوات الهيمنة العالمية، فكان طرح الشراكة الاوروبية والانضمام لمنظمة التجارة العالمية واتباع وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين وضرورات «التكيف» و«التحرر» الاقتصادي بما يعني تراجع دور الدولة الذي تم تسويقه تحت يافطة«اقتصاد السوق الاجتماعي»..!
فكم يشبه «أمس» الليبراليين الحكوميين في سورية بـ«يوم» مؤتمرات «المانحين» التي تتسول بها أطراف «المعارضة» المصنفة «في الخارج».
ليبراليو الأمس القريب لجموا حماستهم بعد أن كانت سياساتهم المطبقة الأرضية الأساس للاحتقان الاجتماعي، وهم يترصدون اليوم تثبيت الطرح الليبرالي ذاته في سورية الجديدة، والذي يشكل إحدى نقاط الالتقاء الرئيسية بين جانبي التطرف في الصراع السوري من فاسدين ومرتهنين للخارج.
بين دعوة بعض الأطراف الحكومية للالتزام «بالتوجهات الاقتصادية العالمية» وبين مشروع «مارشال سورية» الكثير من المسافات الشكلية التي تعكس عنواناً رئيسياً ضمنياً مشتركاً هو: «الليبرالية الاقتصادية» التي ينوي من خلالها الطرفان إعلان الليبرالية عنواناً عريضاً على طاولة الحوار يستبعد مصلحة عموم السوريين ويتيح إعادة تقاسم الحصص.