علاء أبوفرّاج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
يتجه المشهد العام إلى ذروة جديدة من التعقيد، فالحرب مستمرة، والمؤشرات لا تدعم اقتراب انتهائها بل العكس، فخلال الأيام القليلة الماضية شهدنا سلسلة من التطورات في ملف الشرق الملتهب، ففي داخل الكيان تتعقد الأزمة الداخلية وتستمر ماكينة الحرب بالعمل في غزّة وجنوب لبنان، هذا بالإضافة إلى تحركات أمريكية تؤكّد مجدداً مسؤولية واشنطن عن كل ما يجري!
عادت طِهران خلال الأيام والساعات الماضية لتأكيد عزمها الردَّ على الهجوم «الإسرائيلي» المدعوم أمريكياً في 26 تشرين الأول الماضي، ما يثبّت مجدداً قواعد اشتباكٍ جديدة تفرضها إيران في المنطقة، وتعمل من خلالها بشكلٍ محدد على تعطيل مشروع الفوضى الأمريكي الموكَل مباشرةً إلى جيش الاحتلال الصهيوني.
أطلقت قمة أعمال دول بريكس الأخيرة، التي احتضنتها قازان الروسية، جملةً من القضايا الواسعة والمتشعبة، وعند الحديث عن قمة رفيعة المستوى مثل قمة قازان نجد أنفسنا مجبَرين، إذا ما أردنا فهمها بشكلٍ عميق، أن نبحث لا فقط بالمخرجات الأساسية، بل أيضاً أن ننظر إلى كل ما جرى على هامش القمة، فالبيان الختامي والأوراق الأخرى العديدة الصادرة عن «بريكس» تركز على القضايا الأكثر عمومية، بينما يجري وراء الكواليس تقدم في عدد من المجالات الملموسة.
فرضت قمة بريكس- التي عقدت أعمالها في قازان الروسية- حضوراً قوياً على الساحة الدولية، ونالت حصّة كبيرة من اهتمام وسائل الإعلام، فهذا الحدث لم يعد مجرد نادٍ لتبادل وجهات النظر كما يحلو للبعض أن يصفه، بل هو في الواقع الشكل الأبرز للتعاون بين «دول الجنوب» النامية، ويتحول تدريجياً إلى زئير مُزلزل لم يعد ممكناً تجاهله.
تضفي الأحداث المتسارعة وما يرافقها من ضخٍ إعلامي على مدار اللحظة، كتلةً كثيفةً من الضباب على المشهد، إلا أنَّ ذلك لا يعني بالضرورة تحوّلاتٍ نوعية كبرى، وهو ما بات يلمسه أي مراقب للتطورات في المنطقة، فاستشهاد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي قضى في اشتباك شرس وبطولي مع جيش الاحتلال، أظهر عناصر جديدة في المشهد العام.
بعد أنَّ أطلقت إيران ضربةً موجعةً إلى الكيان الصهيوني في 1 أكتوبر الجاري، ظهر ارتباكٌ واضحٌ داخل الكيان ترافق مع حملة تعتيم ٍكبيرة ٍمنعت خروج أيّة تفاصيل دقيقة عن حجم وطبيعة الأضرار، وهو ما فتح مجالاً لكثيرٍ من المشككين في نجاح أهداف «عملية الوعد الصادق» الإيرانية، فما الذي نعرفه حتى الآن عن هذه الضربة؟
تطرح حالة التصعيد المتواصلة جملةً من المسائل التي تشغل بال شعوب المنطقة، فالجميع اليوم، إلى هذه الدرجة أو تلك، يشعر أننا أمام تهديدٍ كبيرٍ وحقيقي، فكُرةُ اللهب تتدحرج ولا يظهر- إلى الآن- مخرجٌ واضحٌ من سلسلة الاعتداءات الصهيونية-الأمريكية، وحالة القلق العامة.
تثبّت الأحداث المتسارعة، أننا نشهد مرحلة مفصلية شديدة الخطورة، وتؤكّد مجدداً أن التصعيد الأمريكي- الصهيوني يستهدف في الحقيقة المنطقة بأكملها، وتحديداً استقرار دولها الأساسية، فالحملة الشرسة التي نتعرض لها تستوجب بالضرورة تسخير كل الإمكانات الممكنة لمنع مخطط خبيث موضوع بالفعل على طاولة غرفة العمليات الأمريكية-الصهيونية.
فرضت الأحداث الأخيرة ضرورة تقدير الموقف العام في المنطقة، على ضوء العدوان الصهيوني الجديد، فقيادة الكيان انتقلت إلى ذروة تصعيد جديدة قد لا تكون الأخيرة، استهداف مقر القيادة المركزية لحزب الله في الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت، والذي استشهد على إثره الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مع آخرين من قادة الحزب، هو بلا شك ضربة قاسية لكن يبقى السؤال الأهم: هل هي «ضربة قاضية» كما يروّج البعض؟!
اللحظات الأولى التي تلت العملية الإرهابية الصهيونية في لبنان، وما لحقها من أفعال عدوانية أخرى، خلقت حالة من الارتباك والصدمة في المنطقة، حيث وجدت نفسها مجدداً أمام محاولة استفزاز جديدة بمستوى نوعي لم تكن ضمن حسابات أغلبية القوى السياسية الأساسية، ولا شك أن الضخ الإعلامي الشديد المرافق كان مفصلاً مهماً في كل ما حصل، وركناً أساسياً في فهم أهداف من خلفه.