مع استمرار الحرب الإرهابية الإمبريالية.. التصعيد الدموي... لن يوقف الانتفاضة

الانتفاضة وحدها ستُدخِل شارون في عنق الزجاجة
بينما يواصل استعراضات حصاره العسكري والاقتصادي والأمني للمدن الفلسطينية وانسحابات مصفحاته منها جزئياً مع استمرار تصعيده الدموي بحق الشعب الفلسطيني وكوادر انتفاضته الباسلة يحاول شارون توظيف ذلك كله في لعبة شد الحبل التي يمارسها مع كل الأطراف بما فيها مربيته الولايات المتحدة الأمريكية وحليفته الاستراتيجية...
شارون صاحب التاريخ الإجرامي المتجذر يواصل تسليم السلطة الفلسطينية قوائم المطلوبين لديه ملوحاً بتصعيد سياساته الوحشية إزاء ما يسميه والغرب العنف الفلسطيني وكأنه يتوغل في المدن الفلسطينية درءاً للخطر الفلسطيني المحدق بشراذم مستوطنيه مصوراً انسحابه الصوري منها تجاوباً مع ازدياد الضغوط الدولية التي يصم آذانه عنها عملياً...

شروط شارون.. واللعبة الدولية
وضمن جدلية التوافق في المصالح والتباين في الصراع عليها بين الكيان الصهيوني وواشنطن يبدو أن شارون ومن خلال تبادل الأدوار مع وزير خارجيته بيريز يريد فرض شروطه على اللعبة الدولية القائمة حالياً التي تحاول ترتيب أوضاع ما يسمى عالم ما بعد الحادي عشر من أيلول، بما يضمن استفادة كيانه العنصري من الفوضى الجارية إلى أقصى حد ممكن حتى وإن دخل في صراع مع الولايات المتحدة وكبار مسؤوليها...
فمن الواضح أن قضية الصراع العربي الإسرائيلي وحلها لا تشكل بالنسبة إلى واشنطن أولوية ملحة في الفترة الحالية التي تشهد غوصاً أمريكياً مجهول العواقب للبيت الأبيض في المستنقع الأفغاني في حين تريد دولة الاحتلال ضمان موطئ قدم كبيرة في الترتيبات الجارية الآن مع فرض تسويات «سلمية» تناسبها، ودائماً عبر سياسة الأمر الواقع، مستغلة ذريعة مكافحة الإرهاب الذي يشكل الفلسطينيون والعرب وقواهم المقاومة مصدرا رئيسياً له بحسب قواميس العنجهية الإرهابية في تل أبيب... وهو ما قد يسهم في تسريع تحقيق الحلم الإسرائيلي القديم في بسط السيطرة على مجمل المنطقة العربية والتحول إلى مركز إمبريالي رابع معترف به في العالم بكل المقاييس السياسية والاقتصادية والعسكرية بغض النظر عن التسلسل اللاحق ضمن مواقع المراكز الإمبريالية...
وبذلك يبدو الحليف الربيب الذي يريد كغيره من كبار الدول اللصوص في العالم الجديد انتزاع أكبر مغنم ممكن ثمناً لمساندته، يبدو عقبة أمام واشنطن التي تتولى بشق النفس حشد أوسع تحالف مساند لها في حربها العدوانية التي أعلنتها طويلة الأمد ومتعددة الأشكال ضد شعوب العالم أجمع وهو ما يستدعي استبعاد إسرائيل ولو شكلياً ومؤقتاً من حيز الاهتمام المبالغ به كيلا تفقد أنصارها في العالم العربي الذين يعانون بدورهم من الإحراج أمام شعوبهم في ظل صمت البيت الأبيض الذي يناصرونه عن تصاعد الجرائم الإسرائيلية، بما يلحق المزيد من التصدعات بتحالف واشنطن الدولي الهش أساساً...

تصدعات حكومة الإجرام..
ويتزامن تصعيد شارون وأعضاء حكومته العسكرية التي تعاني بدورها من تصدعات تهدد ائتلافها على مبدأ «سياستي كمجرم أفضل منك» مع ذكرى وعد بلفور الذي لا يختلف المنطق الإنساني في تسميته جريمة اغتصاب موصوفة من قبل بريطانيا الاستعمارية، جريمة تعبث بجميع القوانين الدولية والخاصة، ويبدو جلياً الآن أن جرائم الكيان الصهيوني وبشاعتها تتجاوز بشاعة مرجعيتها البلفورية...
فمنذ 1917 بدأت فلسطين ترزح تحت وطأة التهويد والتهجير والمجازر الإسرائيلية الصهيونية التي لم تنج منها دول الطوق العربي من جهة، وتحت وطأة الصفقات المنفردة والخيانات وضعف التنسيق العربي من جهة ثانية، ومؤامرات التحيز الغربي المكشوف ولا سيما من واشنطن من جهة ثالثة.

شريعة الغاب
ومن جديد لم تتغير المفارقة... فشريعة الغاب القائمة في عالم اليوم تسمح للأقوى بفرض حلوله وخياراته حتى ولو كانت على حساب حقوق الأبرياء أو حياتهم إما بدعوى حق الوجود أو حق الدفاع عن النفس التي لا يجري الحديث عن ضرورة ضبطها في هذه الحالة... ويصل عبث العالم المتحضر صاحب العينين المغمضتين والمعايير المزدوجة بحقائق التاريخ إلى حد بات الحديث عنده يدور عن «وجوب» قيام دولة للفلسطينيين حتى وإن كانت مجتزأة ومقزَّمة وكأن القضية مكرمة أو منّة، وهم أصحاب الأرض الأصليون... وبات دفاع الفلسطينيين والعرب عن حقوقهم وأنفسهم إزاء الهمجية الصهيونية اليومية يسمى عنفاً وإرهاباً ينبغي إيقافهما...
ولكن في المقابل تماماً ولأن ذاكرة الشعوب لا تجامل ومنذ ثورة يافا 1920 إلى انتفاضة الأقصى 2000 التي تمضي في عامها الثاني يمتد تاريخ نضالي معمد بالدم والتضحيات وقوافل الشهداء وعدد من الانتصارات المضيئة فلسطينياً وعربياً ضد عدو متغطرس، وهو تاريخ مصمم على نحت فصله الأخير بانتصار كرامة الحقوق العربية وحجارة أطفال فلسطين...

معلومات إضافية

العدد رقم:
162