اشتداد الصراع حول «أفغانستان ما بعد طالبان» واشنطن تستخدم القاذفات الثقيلة... و«طالبان النووية» السوداء قريباً في باكستان...!

وذكرت المصادر أن ألستر كامبل رئيس جهاز الإعلام والاتصالات في مقر الحكومة البريطانية انتهى من إعداد خطط لإنشاء مركز إعلامي غربي في إسلام آباد عاصمة باكستان بالتعاون مع الولايات المتحدة من أجل مواجهة الحرب الإعلامية للطالبان ومنظمة القاعدة، إذ أن فارق التوقيت بين بريطانيا والولايات المتحدة من جهة والباكستان من جهة ثانية تمنح ممثلي طالبان ميزة نشر تقارير تسبق ما ينشره الغرب عن الحرب الدائرة في أفغانستان بما يعنيه ذلك من تأثير نفسي على جمهور المشرق...
إلى ذلك وعلى وقع قذائف الطائرات الاستراتيجية الأمريكية الثقيلة من طراز ب52 التي تلقي بالقنابل الانشطارية وبعد تقارير من طالبان تفيد بأن واشنطن تستخدم الأسلحة الكيميائية والبيولوجية بات تكرار الخطأ الأمريكي في إصابة الأهداف المدنية في كل أنحاء أفغانستان موقعاً مئات الضحايا الأبرياء بات يستفز استياء حتى تحالف الشمال المتعاون مع الولايات المتحدة وقواتها الخاصة التي ينسق معها تحالف الشمال الأفغاني حيث لم ينج سكان المناطق التي يسيطر عليها هو الآخر من القصف الأمريكي وآثاره القاتلة، وذلك في الوقت الذي تتحدث فيه مصادر الأمم المتحدة بلسان مبعوثها الخاص الأخضر الإبراهيمي عن أن هناك قرابة 900 ألف لاجئ مهددون بالمجاعة مع قدوم الشتاء وهو ما يقل بكثير عن أرقام دولية رسمية سابقة تحدثت عن نحو سبعة ملايين ونصف مليون أفغاني مهددون بالتضور جوعاَ...
وعلى صعيد التحركات السياسية والدبلوماسية يبدو أن ازدياد عدد الراغبين في لعب دور عالمي في رسم ما اصطلح إعلامياً على تسميته مستقبل «أفغانستان ما بعد طالبان» سيشكل سابقة جديدة في خرق مبدأ عدم التدخل الدولي بغض النظر عن استقرار أوضاع أفغانستان أو طبيعة حكومة كابول الحالية أو الذرائع المقدمة لتوجيه الضربات العسكرية ضمن مخطط إعادة رسم الخارطة الجغرافية السياسية للعالم ما بعد 11 أيلول...
ومن الطبيعي أن يكون التباين في رؤى العديد من القوى الداخلية والإقليمية والدولية التي باتت تناقش علانية شكل الحكومة المفترضة التي ستأتي يوماً ما يعكس التباين في مصالح القوى التي تتصارع على ميراث طالبان إن حصلوا عليه أساساً، ولكن بما يغيّب كذر الرماد في العيون حقيقة تقول إن ثمن بقاء طالبان أو غيابها تدفعه في نهاية المطاف دماء مئات الضحايا من أبناء الشعب الأفغاني الذي ما انفك منذ جيل كامل يدور في دوامات الحروب الداخلية والخارجية...
الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوربي الذين استحضروا اتصالاتهم مع الملك الأفغاني المخلوع ظاهر شاه وأنصاره يقولون أن لا مانع لديهم في أن تضم الحكومة المفترضة عناصر «معتدلة» من حركة طالبان... في حين يصر تحالف الشمال المعارض على استبعاد طالبان كلياً وتشاطره الرأي ذاته القوى الإقليمية الكبرى كروسيا التي يهدد وجود القوات الأمريكية على مقربة منها حتى فاعلية أسلحتها النووية، وإيران التي بدأت الأوساط الإعلامية الغربية تستثير حساسيتها وتبث لقاءات موجهة للشعب الإيراني بهدف البلبلة من قبل ابن الشاه الإيراني المخلوع محمد رضا بهلوي الذي أطاحت به ثورة 1979، وباكستان التي باتت محجاً لكبار الشخصيات السياسية من واشنطن ولندن وأنقرة وبرلين وباريس وهي التي بدأت بعض التقارير الإخبارية تتحدث عن أنها قد تضع منشآتها النووية تحت الإشراف الأمريكي بعدما قامت باعتقال ثلاثة من كبار باحثيها النوويين لاحتمال قيامهم بتهريب هذه التكنولوجيا لبعض الجهات المتطرفة وقد يكون الأمر تحسباً من قيام أي محاولة خارجية لاستجرار الأسرار النووية الباكستانية منهم أو من غيرهم ولاسيما من قبل الهند التي تتصاعد حدة التوتر الحدودية والدبلوماسية بينها وبين إسلام آباد بخصوص كشمير وعلى خلفية الحرب الأمريكية الدائرة التي تلقي بظلالها الثقيلة على المنطقة برمتها...
وتلوح في الأفق الباكستاني عدة معطيات تدفع بأوضاعها نحو الانفجار الداخلي، ومن بين ذلك: التغييرات التي أجراها الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف في قيادات الجيش والاستخبارات التي يُشك في تشددها أو تعاطفها مع طالبان، ازدياد حدة الاحتجاجات الشعبية المنددة بموالاة مشرف لواشنطن ولاسيما في صفوف قبائل الباشتون في المناطق الشمالية من باكستان (التي تنتسب إليها طالبان الأفغانية عرقياً أيضاً) والتي وصلت إلى حد مطالبة الجيش بإسقاط مشرف وإلى حد التسلل إلى أفغانستان لنصرة طالبان في حربها الجهادية المعلنة ضد الولايات المتحدة، أن العزف على أوتار التركيبة الطائفية الباكستانية وغياب أي أفق واضح لنهاية العمليات العسكرية الأنغلو-أمريكية ضد أفغانستان مع تأجيج عواطف العالم أجمع ولاسيما الإسلامي بخصوص ازدياد عدد المدنيين القتلى، وغياب أي زمن محدد بالتالي لسقوط طالبان المفترض... هي معطيات بتداخلها تزيد من التشدد في التعاطف مع طالبان وليس إدانتها كشريك إرهابي للولايات المتحدة بالأساس، وهو ما يعززه انتشار صور الضحايا المدنيين بغض النظر عن موضوعة التقييد النسبي لدى الإعلام الأمريكي والغربي في نشر هذه الصور التي لا تتكثف رؤيتها بالتالي إلا في الدول المشرقية والإسلامية بما يكرس التقسيم الجديد للعالم المرغوب إمبريالياً إما مع الولايات المتحدة أو مع طالبان التي يتوقع للأسف أن تسيطر قوة متشددة مشابهة لها على زمام الأمور في باكستان أسرع مما يتوقعه أكثر منظّري السياسة الإمبريالية الأمريكية تفاؤلاً...