تونس تنقلب على تحالف «النهضة» و«النداء»
تمضي الحكومة التونسية في خيار الليبرالية الجديدة، بما يحتويه من «تقشف» تدفع فاتورته الأكثرية المفقرة من الشعب التونسي، كطريق إلزامي حسب وصفها، لتضع البلاد على صفيح ساخن قد يثمر عن تطورات غير مسبوقة في الحالة السياسية التونسية.
أولى النتائج التي ظهرت على السطح، هي أن الحزبين المتصدرين للمشهد السياسي الرسمي في تونس، أي حزبي «النهضة الإسلامية» و«نداء تونس» اللذين تجمعهما النيوليبرالية الاقتصادية كبرنامج عمل، قد استنفذا فرصهما السياسية على أرض الواقع، وبات تحالفهما السلطوي وجهاً لوجه مع حركة الشارع التي تتصاعد.
فرصة العمل البرنامجي
إحدى مميزات الحراك الشعبي في تونس، هو وجود حركة سياسية معارضة مؤثرة قادرة على تنظيم الحركة الاحتجاجية، بغض النظر عن الآراء القائمة حول تكتيكات النضال ضد سياسات الحكومة الحالية. في هذ الصدد، يتصدر الاتحاد العام التونسي للشغل، بوصفه نقابة مركزية للعمال، إلى جانب حزب «الجبهة الشعبية»، المشهد السياسي من حيث القدرة على التأثير في الحراك الحالي، مدعومة بما استطاع الشعب التونسي إنجازه، ألا وهو مستوى مقبولاً إلى حد ما من الحريات السياسية، وحق الإضراب، والظهور الإعلامي المعقول.
من هنا، يمكن القول أن الفرصة اليوم أصبحت سانحة أكثر من أي وقت مضى، للقوى التقدمية في المجتمع التونسي، لصياغة برنامج متكامل من النواحي الاقتصادية- الاجتماعية، الوطنية والديمقراطية، حيث أنه يقتصر حالياً على الدفاع عن حقوق العمال نقابياً ومطلبياً في كل قطاع على حدة بمعزل عن القطاعات الأخرى، أما البرنامج المتكامل، فإن من شأنه التحضير لمرحلة قادمة لا محالة، وهي عودة الجماهير التونسية إلى الشارع بمستوى أعلى مما شهدته بعد عام2010.
احتجاجات متصاعدة
تلاقي محاولات التأجيل الحكومي، بحث القضايا العالقة، رفضاً شديداً من قطاعات شعبية واسعة، وتتصدر قضية الأجور والرواتب واجهة الأزمات في البلاد حالياً، بعد التجهيز الحكومي للانتقال من مرحلة تجميد كتلة الأجور عند مستوى 58 مليون دولار، في نهاية العام 2017، إلى إعلان نوايا حول ضرورة تسريح آلاف الموظفين، وتعد هذه «الإصلاحات الهيكلية» من اشتراطات صندوق النقد الدولي، مقابل القرض الذي حصلت عليه تونس من الصندوق بقيمة 2.9 مليار دولار، على أربع سنوات.
في هذا السياق، تجمع العمال في مدينة صفاقس جنوب البلاد، يوم 27 تشرين الثاني الماضي، بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل، تنديداً بما اعتبره الاتحاد «إخلال الحكومة باتفاقية وقعتها العام الماضي، تتعلق بزيادة أجور القطاع العام». ورفع المحتجون شعارات تطالب بعدم التراجع عن الزيادة في الأجور، وعدم الرضوخ لإملاءات صندوق النقد الدولي، في إشارة إلى القرض الذي حصلت عليه تونس وفق شروط و«إصلاحات» منها «ضبط» نفقات الأجور. وهدد الاتحاد العام التونسي للشغل الخميس الماضي، بتنفيذ إضراب عام، في 8 كانون أول الحالي، إذا لم تتراجع الحكومة عن خط تجميد الأجور في مشروع الميزانية العامة للبلاد للعام المقبل.
على صعيد متصل، تظاهر مئات الأساتذة في 30 تشرين الثاني الماضي، بدعوة من نقابة التعليم الثانوي، أمام قصر الحكومة في العاصمة التونسية، للمطالبة بإقالة وزير التربية، والضغط على الحكومة، بسبب عدم صرف مستحقات مالية للعاملين في سلك التعليم.
كما قرر المكتب الوطني للنقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة الدخول في سلسلة احتجاجات، تبدأ بالإضراب مع غلق الصيدليات، ستقرر تاريخه ومدته وشكله، الجلسة العامة الاستثنائية التي جرت الدعوة لانعقادها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 787