الشعب الفلسطيني بين مطرقة الاحتلال وسندان الفساد والفلتان الأمني الداخلي

تفجرت الأوضاع فجأة في قطاع غزة، بعد أن ظلت النار تحت الرماد ردحاً طويلاً، وانتقلت شرارتها إلى الضفة الغربية، وقد نزلت الجماهير الشعبية في القطاع إلى الشوارع منددة بالفساد والفلتان الأمني ومطالبة بوضع حد له، وتوحيد الجهود جميعها ضد العدو الإسرائيلي المحتل.

بين نارين

ولقد تبين أن الشعب الفلسطيني واقع بين نارين: نار الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المستمر، ونار الوضع الداخلي المتدهور باستمرار حتى وصل إلى درجة لم يعد أحد يحتمله، بل إلى درجة الخيانة الوطنية، وحيث لايوجد رقيب ولا حسيب. وقد وجه المجلس التشريعي الفلسطيني انتقادات شديدة إلى الرئيس عرفات ورئيس وزرائه أحمد قريع، كما انتقد أداء الحكومة لعدم ضبطها الوضع الأمني الداخلي وطالب بقبول استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة.

مظاهر سوء الأوضاع

إن انفجار الغضب الشعبي الفلسطيني ليس ابن يومه بل يرمي بجذوره إلى زمن بعيد، وظل يتراكم حتى لم يعد في قوس الصبر منزع، وهذا سيؤثر سلباً على نضال الشعب الفلسطيني ضد جدار الفصل العنصري الذي كسب معركته في المؤسسات الدولية، وبقي عليه أن يكسب المعركة على الأرض الفلسطينية ومن مظاهر سوء الأوضاع:

1. السكوت عن عملاء إسرائيل الذين لعبوا دوراً إجرامياً في مصرع عدد كبير من المقاتلين، وتركهم يسرحون ويمرحون، حتى أنهم موجودون داخل أجهزة الأمن الفلسطينية وقد أشارت حماس سابقاً إلى دور هؤلاء العملاء في مقتل أحد عشر من مناضليها، ولاننسى بهذا الصدد ضلوع بعض الأجهزة الأمنية في اعتقال المناضل مروان البرغوثي من قبل إسرائيل وتركه يصارع وحده دون سند وطني ودولي.

2. الفساد المنتشر والذي بلغ حداً لايطاق، وقد برز في أجلى مظاهره بصفقة الإسمنت المصري التي اشترتها شركة فلسطينية بترخيص من أحد وزراء حكومة قريع وباعتها لشركة إسرائيلية لمتابعة بناء جدار الفصل العنصري، الذي استنكرت بناءه محكمة العدل الدولية والأكثرية الساحقة من أعضاء الهيئة العامة للأمم المتحدة.

3. الفلتان الأمني الفلسطيني الذي طالب المجلس التشريعي بوضع حد له والذي يكشف بوضوح عدم وجود سلطة فعلية فلسطينية تمسك زمام الأمور بيديها، مما شجع شارون على تكرار ماكان يقوله سابقاً بأنه لاتوجد سلطة فلسطينية يتفاوض معها.

ماهو المطلوب؟

إن المطلوب عاجلاً لا آجلاً، هو تشكيل قيادة فلسطينية موحدة، تقود الكفاح الوطني باستراتيجية ومنهج موحد، وتنفذ إصلاحاً داخلياً شاملاً يدرأ كل أشكال الفساد وسوء الإدارة والمحسوبية ويرسي سيادة القانون والانتخابات الديمقراطية الحرة كأساس لتنظيم العلاقات الداخلية وبالتالي توجيه كل البنادق نحو العدو الذي لن يتنازل بمحض إرادته عن أطماعه ويلقى الدعم كله من زعيمة الإرهاب في العالم، الولايات المتحدة.

 

■ عادل الملا

معلومات إضافية

العدد رقم:
226