عبد الرزاق دياب

عبد الرزاق دياب

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأسواق السوريّة.. تخفيضات على كلّ ما لا يلزم.. وتبقى بطون الفقراء خاوية!!

في بادرة تبدو للوهلة الأولى استفاقة حقيقية لضمائر تجارنا، تسابق التجار إلى إعلان جملة تنزيلات وحسومات على بضائعهم، المنتجة والمستوردة، وخصوصاً في الشوارع والأسواق  الكبرى كالصالحية والحمراء وتجاوزت نسبة الحسم عند بعضها 70 %.

مطبّات نكبتنا

زهير وخليل ومهند وأبو عواد رفاق مرحلة الذاكرة التي كانت مليئة بالحلم والصراع والفكرة الممنوعة، الكتاب الخصيب، اللغة المراهنة على العودة.

من فلسطين، كل فلسطين قدم آباؤهم، من صفد، صفورية، الضفة، وتعارفنا في الطريق إلى الجامعة، في المسرح، الأمسيات الحافلة بلذة أن تصغي امرأة طويلة العنق لصوت يهدهد روحها.

تعارفنا في الطريق إلى الزحمة الجميلة، المطر كان يعطينا لذة العربدة المثمرة، كان أبو عواد صوت الفارين من عين الحلوة إلى دمشق، ببطن مفتوح وحزن لا ينته، وطاقة على الحب تصنع في أرض حوران بيارة تبغ قاتلة.

بين خطط الفريق الاقتصادي وجشع التجار والوسطاء.. ماذا فعلنا؟ هناك أسوأ من الأصم، من لا يريد أن يسمع

لا شك أن الحكومة أوفت بوعودها، ونفذت ما كانت تصبو إليه من تركنا نبكي بعد فطام قاسٍ، نحن الذين تعودنا منذ أن صرنا مواطنين عندما ولدتنا أمهاتنا على أعطياتها وسعة صدرها، وتحملها الشديد لفقرنا الشديد، ولا يستطيع أحد منا أن ينكر فضائلها من السكر والرز وزيت القلي، والمازوت المدعوم، وصوت الطنابر وزماميرها التي تنطق في شوارعنا: (ما..ز..و.ت).

نعم لقد تركتنا الحكومة غير آسفة علينا نحن «الشعب الكسول»، الذي لا بد من تركه ليجرب كيف يعيش دون «دلال»، فلقد كبرنا وصار من الواجب أن نعتمد على أنفسنا وإلا سنكون من وجهة نظر فريقها الاقتصادي.. لا نستحق الحياة.

بالمقابل نحن أبناء الحكومة، عرفنا من عشرتنا معها كيف يمكن أن نحافظ على رمقنا دون عطش وعلى بطوننا دون جوع، إلا الثلة القليلة من «العصاة» «المؤدلجين» آثرت أن تدعو الحكومة ليس للعودة عن قراراتها الزلزالية، بل لإزالة الآثار السلبية الكبيرة المترتبة على اجتهاداتها العبقرية.

مطبّات طوابير متناسلة

كأنه قدر أحمق، من طابور إلى آخر، الوقوف المتتالي للبشر في رتل واحد طويل، أو في أرتال متنوعة، رجال ونساء، وأصناف لها الأولوية.

قدر يشبه أي شيء سوى القدر، إنها الرحلة المستمرة من الوعي الأول للإنسان، طابور من المنتظرين البلهاء لمولود سيدخل الطابور من لحظة صراخه الأولى، وصولاً إلى طابور المشيعين الحزانى حيث سيزرع في الأرض وينسف من الذاكرة.

بين الرحلتين طوابير تتناسل، ها هنا على هذه الأرض التي تسمى أرضنا، نعيش أكثر من بقية البشر في عالم طويل من الازدحام وراء بعضنا، نتحاسس، نتدافع، نتلامس، نتدافش، إلى أن نذهب إلى النهاية محشورين في طابور.

من ساهم في ازدهارها: المهن الهامشية عندما تصبح خيارا للحياة

الشارع الدمشقي الملون بالناس، من كل قرية و بلدة ومدينة جاؤوا خلف أرزاقهم، لم يكن أغلبهم يتصور أن يؤول به المصير نائماً في حديقة، أو خلف صندوق (البويا)، أو على رصيف، والخيار الأصعب هو النبش كقطط الليل المتشردة في حاويات القمامة.
قبيلة من الفقراء هم، نساء وأولاد وكبار في السن وشباب لم يتسنّ لهم الجلوس على كرسي الوظيفة.. تحت الشمس وقرب الكراجات وفي الزوايا المهملة من الشوارع الفخمة تربصوا أن يمر رزقهم الذي طالما طاردوه كما تطارد قطة فأراً خبيثا دون أن تظفر به!

محافظة دمشق تستيقظ بسطل ماء بارد.. الأرصفة على المحافظة.. ودمشق على أهلها!

فجأة تحسس مسؤولو محافظة دمشق الزمن الذي يداهمهم، فدمشق /2008/ ستكون عاصمة للثقافة العربية، وعلى حالها هذا تبدو كمدينة خرجت لتوها من تحت رماد بركان، تراكمت مشاكلها، واختنقت ببشرها وبكتل الاسمنت المتداخلة والمتسخة وهلام المخالفات المحيطة بها كحزام مهترئ.
وهذا الاستيقاظ كان كمن وقع في غيبوبة وانهالت عليه المياه الباردة، فاستيقظ واقفاً، ثم تابع سيره مترنحاً، هذا بالضبط ما حصل مع المحافظة العتيدة التي نسيت طويلاً قوانينها، وواجباتها، ودورها في الانتباه إلى أنها تقود أقدم مدن التاريخ نحو وجه يملؤه الصدأ، وجسد متهالك معفّر.

أيلول.. شهر الخيبات والآلام السورية.. الناس تستقبل رمضان، و(المونة)، وافتتاح المدارس.. بجيوب خاوية

في هذه الأوقات الحرجة، سقطت ورقة التوت الأخيرة التي كانت تستر حياء المواطن السوري، هذا المواطن الذي يعامل كحلقة أضعف في معادلات الحكومة، كذلك سقطت ورقة التوت التي كانت الحكومة تظن أنها تستر سوءاتها، سقطت هذه الورقة عن الحكومة بوعودها وتهديداتها وخططها في رفع الدعم أو كما تسميه هي: إعادة توزيعه، سقطت عن أوهام الضرب بقوة على يد المحتكرين، وعن نداء وزارة الاقتصاد إلى الأخوة المواطنين بضرورة الاتصال وتقديم الشكاوى بحق ضعاف النفوس، عن أحلام اتصالات المواطنين، وظلت هذه الورقة تغطي قدرة ضعاف النفوس على تمرير مخالفاتهم عن طريق ضعاف نفوس آخرين.
لبس السوري قبل أيلول، برقع السواد، ووضع شريطاً أسود على صورته، وأفرغ جيوبه ومشى في شوارع مدينته كمن مسه الجنون، لا مدخرات، ولا احتياط، ولا حتى بقية راتب الوظيفة، لقد هجم أيلول بكل قوته واحتياجاته.. والعيون تشتهي كل شيء، وتحلم بكل شيء، ولكن لا قدرة على شراء أي شيء.

مطبّات اقتصاد (البيك) وعرّابيه

شاءت الأقدار أن أحضر حفل افتتاح صالة راقية في مجمع راق، وأنا الذي اعتدت صحافة التحقيق، الناس، الشوارع.. وفي أبسط الحالات صورة لطفل يضع ميزاناً بين فخذيه.. أما أن أكون بين حضور نظيف الطلة، معطر، وحوله ما تشتهي من جميلات فهو قدر جديد.

من يكذب على من؟

نشرت صحيفة الثورة في عددها الصادر بتاريخ 26/2/2008 في صفحة (شؤون محلية) خبراً تحت عنوان (إجراءات صارمة لمنع  انتشار التهاب الكبد الوبائي)، وجاء في سياق الخبر أن اجتماعاً عاجلاً عقده محافظ ريف دمشق مع عدد من المسؤولين في المحافظة (الصحة والتربية ومياه الشرب)، وشدد على معالجة المشكلة والإشراف على تنظيف خزانات المدارس.

على عجلتي الحكومة والسائق: الركوب السوري العسير.. والمنعطفات الخطرة!

منذ شهور والبعض يحاول أن يدس لنا بعض التفاؤل بنوايا الحكومة بما يتعلق بالدعم، وقد كنا مصرين على القول: إن الطريقة التي يقود بها الفريق الاقتصادي عجلة الاقتصاد السوري لا تدع مجالاً للشك بأنها تخفي وراءها في النهاية قضية واحدة وهي: إلغاء الدعم.