محافظة دمشق تستيقظ بسطل ماء بارد.. الأرصفة على المحافظة.. ودمشق على أهلها!
فجأة تحسس مسؤولو محافظة دمشق الزمن الذي يداهمهم، فدمشق /2008/ ستكون عاصمة للثقافة العربية، وعلى حالها هذا تبدو كمدينة خرجت لتوها من تحت رماد بركان، تراكمت مشاكلها، واختنقت ببشرها وبكتل الاسمنت المتداخلة والمتسخة وهلام المخالفات المحيطة بها كحزام مهترئ.
وهذا الاستيقاظ كان كمن وقع في غيبوبة وانهالت عليه المياه الباردة، فاستيقظ واقفاً، ثم تابع سيره مترنحاً، هذا بالضبط ما حصل مع المحافظة العتيدة التي نسيت طويلاً قوانينها، وواجباتها، ودورها في الانتباه إلى أنها تقود أقدم مدن التاريخ نحو وجه يملؤه الصدأ، وجسد متهالك معفّر.
ومنذ أشهر تقلب المحافظة أرصفة دمشق رأساً على عقب، محولة النسائم التي اشتقنا لها في حرّ هذا الصيف إلى زوابع غبارية، وأنجزت ساحة المحافظة بالتعاون مع أحد البنوك الخاصة، وتعمل حالياً على رسم حواجز رخامية جديدة لبردى الذي صار مجرد ذكرى.
أما الدور الأكبر فتركته على أهالي دمشق، كيف؟ من خلال إنذارها الذي وجهته إلى لجان البناء عن طريق دوائر خدماتها، وتضمن الأعمال المطلوبة استناداً للقانون /49/ للعام 2004 وهي:
1 ـ تنظيف واجهات البناء بعد إزالة التشوهات.
2 ـ إزالة اللوحات الإعلانية الموجودة على الأسطحة وضمن الوجائب الخاصة.
3 ـ إزالة الصحون اللاقطة وتوحيدها بلاقط مشترك لشاغلي البناء.
4 ـ إزالة خزانات الوقود والحراقات والشوديرات الموجودة على الأسطحة ووضعها في الأقبية المخصصة لهذه الغاية.
5 ـ إزالة المكيفات الموجودة على الواجهات، وخصوصاً تلك المطلة على الأملاك العامة. وفي حال تعذر ذلك تغطيتها بالشكل اللائق.
6 ـ إيصال مزاريب مياه الأسطح والشرفات إلى الشبكة العامة للمجاري بالطريقة المناسبة.
7 ـ إزالة تمديدات المداخن على الساحات والشوارع ومعالجتها بالطريقة المناسبة.
8 ـ توحيد واقيات المحلات التجارية (المظلات).
9 ـ صيانة وتجميل تصاوين الأبنية مع التقيد باشتراكات نظام البناء.
إذاً فالمحافظة تعرف بالضبط عيوب ومكامن القبح في المدينة العريقة، ومشاريعها الكبرى لإزالة (القماءة) في (القرماني) والسوق العتيق والحمراوي، وإهمال المدينة القديمة، وأخيراً وليس آخراً شارع الملك فيصل، هي جزء من خدمة دمشق /2008/ عاصمة للثقافة العربية، وليس هدماً كما قال البعض لخرائب وقماءات!!!
كما أن إنذارها يأتي في ظروف قاسية يعيشها المواطن السوري في وطأة الحديث الحكومي عن رفع الدعم وإعادة توزيعه، ولهيب الأسعار وغياب الرقابة، وبالتالي لم يكن ينقص هذا المواطن عبء جديد ومكلف.. فأين كانت المحافظة؟
إنذار المحافظة يمنح فرصة شهر لتنفيذ مضمونه للأبنية ذات الأربعة طوابق وما دون، وشهرين للأبنية العالية اعتباراً من تاريخ تبلغ لجنة البناء، ويجب أن تبدأ بمباشرة التنفيذ خلال مدة أقصاها نصف مدة الإنذار، وفي حال عدم المباشرة، فستقوم دائرة الخدمات بالبدء بالإجراءات اللازمة للتحضير للقيام بالأعمال المطلوبة بعد انقضاء مدة الإنذار على نفقة الشاغلين ومهما كانت التكاليف، مع تحميل الشاغلين جميع المسؤوليات القانونية المترتبة على ذلك.
نعم.. نحب دمشق نظيفة، بلا صدأ، وبأرصفة ملونة، ومحافظة بقلب رحيم.. ومشاريع دون إشارات استفهام.. لكن شهراً أو اثنين لا يعوّضان عقود الإهمال.