زيادة أم... شراكة
ارتقع سعر الدواء في سورية 50% فقط كانت كافية جداً لتغمر السعادة أصحاب الصيدليات والمعامل ليفرجوا عن الدواء المفقود من مستودعاتهم وبالسعر الجديد وبصلاحية لا تتجاوز سنة واحدة، وهنا مربط الحصان.
ارتقع سعر الدواء في سورية 50% فقط كانت كافية جداً لتغمر السعادة أصحاب الصيدليات والمعامل ليفرجوا عن الدواء المفقود من مستودعاتهم وبالسعر الجديد وبصلاحية لا تتجاوز سنة واحدة، وهنا مربط الحصان.
حكماً سيذهب الأولاد إلى الأراجيح، وسيبحثون عن ساحات عيدهم، وسيطلبون ملابس جديدة لليوم الأول من العيد، وسيدورون على بيوت الأقارب طمعاً بقبلة ساخنة، وعيدية تساعدهم على اللعب على مدى ثلاثة أيام هي لهم فقط.
العيدية بالضبط هي اختراع سوري محض وبامتياز، ولن تجده في بلد آخر بهذا النهم والتوافق، والغريب أننا كمواطنين ندفع هذا الإتاوة عن طيب خاطر، بل وأن آخرين يحثون من لا يقبلون بها على دفعها من أجل تسيير أمورهم وتيسيرها، وهي سائدة لدرجة أنها اصبحت عرفاً يتعامل به الجميع، ومن يعتبرها ابتزازاً يبدو كمن خرج من ملته
ليست هي المرة الأولى التي تطلق فيها الحكومة عبر وزرائها ومديري مؤسساتها عبارات التهديد والوعيد ضد المخالفين وتحديداً في القطاع الخاص، على اعتبار أنه كما يقال أكثر فساداً من سواه، ولطالما استخدم هؤلاء المهددون عبارات مثل (الضرب بيد من حديد) للتعبير عن مدى الجدية في التعامل مع هذه الشريحة الواسعة من الفاسدين، الذين باتوا يشكلون عامل تخريب في اقتصاد الوطن، وعامل نهب لأبنائه الفقراء الذين باتوا على شفير ما بعد الفقر.
السوريون أي نحن... محظوظون بمن يبرر آلامنا وأخطاءنا وموتنا، وربما هي حكمة الله الأبدية فينا أننا أكثر شعوب الأرض راحة في العلن، وفي أعماقنا نئن كمن تنتزع روحه ببطء، وهؤلاء المحللون الذين يمتهنون التبرير يعيشون معنا الأوجاع نفسها، ويأكلون من الخبز الأسود نفسه، ويهمسون لزوجاتهم عن عدم قدرتهم على تحمل أعباء الغلاء... ولكنهم أمام الكاميرا أو آلة التسجيل يبدؤون بجلدنا وجلد أنفسهم قبلنا ليبرروا هذا التوحش الرهيب للسوق الفوضوية.
سيتضرع المؤمنون بالتأكيد إلى الله في أنهم أحياء يرزقون، فنعمة الحياة فوق كل النعم، وسيبتهلون له في أن يحفظ ما بقي لهم من مفرداتها، ولكنهم وهم يرفعون أكف الضراعة في أول أيام رمضان سيتذكرون الرزق، والسعي لتحصيله، وضيق الحال، وقلة الحيلة، والغلاء الفاحش، واليد القصيرة، وساعات الصيام الطويلة، والمجهول الذي في علم الغيب فيطلبون من ربهم اللطف بأقدارهم المكتوبة.
هي الكلمة السحر التي رمتنا سنيناً إلى الخلف، وساهمت مع أصحابها في إفقارنا وهلاكنا الذي نراقبه عاجزين محاولين الخلاص دون جدوى...وهي السر في انتحارنا الاقتصادي والإداري، وهي السر الذي يكبر يوماً بعد يوم ويتسع، ويزداد مريدوه ومعجبوه كأنه صار من عاداتنا، وجزء من ثقافتنا... ثقافة الفساد المهلكة، ودائرة الفساد المتسعة، ولغة الفساد السائدة.
مؤشراتنا التنموية عادت 30 عاماً للوراء بسبب الأزمة الكبرى التي تعيشها البلاد، وما كان مقرراً أن يتم عليه العمل ضاع في أتون الحرب، التي أكلت المشاريع الطموحة كلها والأهداف الاستراتيجية (على هناتها)، وهذه الأهداف كان مقرراً أن تكون ضمن مشروع الألفية المتوقع إنجازه في 2015... هذا ما يؤكده عميد المعهد العالي للدراسات السكانية، الذي يضيف: بأن سورية كانت قريبة من تحقيق ثمانية أهداف منها ( الوصول للتطعيم الشامل، وخفض معدلات الوفيات، وخفض معدلات الفقر، الحد من الخصوبة... إلخ
لا ينقص السوري إلا هذا الموت الفضائحي، وكأنما كتب عليه أن يذوق ألوانه كافة، وأن تجرّب فيه كل الطعنات، ولا يملك إلا التضرع ورفع اليدين المرتجفتين إلى السماء والدعاء بالفرج وزوال الغمة.
خبز الشام أطيب وأنظف... خبز الريف أطيب لأن خبز الشام أسود...هذه وجهة نظر أحد الجيران المتناقضة في أيام قليلة جداً، والسب هو تغير جودة الرغيف بنسبة 100 % مما صدمه، فمرة يشتري من أفران دمشق، وأخرى من أفران الريف.