تحليل حسب الطلب

تحليل حسب الطلب

 

السوريون أي نحن... محظوظون بمن يبرر آلامنا وأخطاءنا وموتنا، وربما هي حكمة الله الأبدية فينا أننا أكثر شعوب الأرض راحة في العلن،  وفي أعماقنا نئن كمن تنتزع روحه ببطء، وهؤلاء المحللون الذين يمتهنون التبرير يعيشون معنا الأوجاع نفسها، ويأكلون من الخبز الأسود نفسه، ويهمسون لزوجاتهم عن عدم قدرتهم على تحمل أعباء الغلاء... ولكنهم أمام الكاميرا أو آلة التسجيل يبدؤون بجلدنا وجلد أنفسهم قبلنا ليبرروا هذا التوحش الرهيب للسوق الفوضوية.

أحد هؤلاء يقول لصحيفة محلية مبرراً سبب الشكوى التي يبدها المواطن من الغلاء وخصوصاً في شهر رمضان: (إن عدم الاهتمام بوضع ميزانية مالية للأسرة في شهر رمضان يؤدي إلى تدهور الحالة الاقتصادية في ميزانية الأسرة طوال الشهر الكريم, وتالياً، يزيد الإنفاق بسبب المجاملات والولائم و تعدد أصناف الطعام المختلفة على سفرة الإفطار، ما يتطلب وضع ميزانية خاصة لأن المشتريات فيه تزيد بصورة ملحوظة سواء في الكمية أو النوع).

يا لنا من شعب جاحد، ومواطنين لا نعرف كيف نرتب أيامنا، ونبذر يميناً وشمالاً، ولا نرى من الأزمة سوى بطوننا التي نحاول إرضاءها بشتى أنواع الحلويات والفواكه واللحوم، ولا نحسب حساب شهور الأزمات.
ويبدو أن المحلل لم يشبع من رمينا بالحصى فيريد تكبيرها لتصير حجارة تهرس هذا الشره في قلوبنا وبطوننا، ويكتشف الخطيئة التي أوقعنا أنفسنا فيها، ولا نوازن بين مدخولنا ومصروفنا فنقع في الضائقة... يقول المحلل: (عادة ما يكون دخل العائلة الشهري ثابتاً بينما تجد مصروفاتها تتغير من شهر إلى آخر، ويأتي هذا التغيير والاختلاف نتيجة ما يسمى المصروفات الموسمية، كموسم رمضان والأعياد، ولعل ما يميز السنوات الأخيرة هو اجتماع قسم كبير من هذه المواسم ومصروفاتها في فترة زمنية ضيقة، إضافة إلى الارتفاع المتوالي لأسعار معظم السلع، لذا ينبغي على كل أسرة أن توازن بشكل عقلاني بين مدخولها ومصروفاتها، حتى لا تقع في هذا العجز الذي قد يرتب عليها أعباء تستمر شهوراً إضافية وهو ما أدى إلى عجز في ميزانيات العديد من الأسر والعائلات).
أنا وبكل براءة أتقاسمها مع إخوتي عموم السوريين أعتقد جازماً أن الرجل (المحلل الاقتصادي) لا يعرفنا ولا يعيش بيننا، وإنما يرانا فئران تجارب لأفكاره الغيبية عن حياتنا.