بصراحة... هل الاقتصاد الوطني عبء على الحكومة أم أن الحكومة قد غدت عبئاً على الاقتصاد الوطني؟
منذ أكثر من عشرين عاماً، يدور نقاش حاد و شامل في البلاد حول الأزمة الاقتصادية والركود الاقتصادي وأخطاره على السياسة الوطنية السورية...
منذ أكثر من عشرين عاماً، يدور نقاش حاد و شامل في البلاد حول الأزمة الاقتصادية والركود الاقتصادي وأخطاره على السياسة الوطنية السورية...
في كل الندوات والسهرات التلفزيونية وغير التلفزيونية التي عقدت من أجل تبيان محاسن اقتصاد السوق الاجتماعي، والدور المنوط بالدولة على قاعدة تبنيها لذاك الاقتصاد العتيد، والقاضي كما يقولون أن يكون للدولة دور خاص في تحقيق التوازن بين مصالح الطبقات المختلفة وأن تتدخل لصالح الطبقات الأضعف حين الضرورة، وحين مشيئة أركان الحكومة الاقتصادية، لكي تحقق الحكومة العدالة الاجتماعية وتعطي كل ذي حق حقه؟!
باقتراح مرفوع من وزارة الشؤون والعمل التي ما فتئت منذ عدة سنوات تبذل أقصى ما بوسعها لفرض مفاهيم معولمة حول قضايا العمل والعمال لا تتناسب مع المتطلبات والحاجات العامة للشرائح الأكثر فقراً في المجتمع السوري، وجهت القيادة السياسية للبدء بإعداد مشروع قرار يسمح بأن يتعاقد القطاع العام والحكومة والإدارات العامة مع الداخلين إلى سوق العمل لفترة زمنية محدد في نص العقد: 10 سنوات أو 15 سنة أو غيرها.. (حسب ما ينص عليه العقد) وذلك على النقيض من العقد المعمول به في شتى الوزارات حالياً والذي يبقى ساري المفعول حتى سن التقاعد.
ما الذي ينتظره المواطن السوري من تقرير صندوق النقد الدولي المقدم للحكومة السورية مع مطلع عام 2006؟ وما الذي سيأخذه المسؤولون الاقتصاديون السوريون من توصياته أيضاً؟
أصبح الاعتراف الحكومي بأن المناطق الشمالية الشرقية هي من أشد المناطق فقرا في سورية أمراً عادياً ودارجاً على صفحات الإعلام العام والخاص، وفي الندوات والمؤتمرات، وتوجت تلك المحافظات بطلة للفقر على مثيلاتها من باقي المحافظات ، ونعمت بلقب " أفقر"، بدلا من أن تمنحها جغرافيتها لقب "أغنى"، فتلك المحافظات هي في الحقيقة خزان سورية الاقتصادي، وقلبها الزراعي والبترولي والمائي، هي باختصار مناجم الذهب " الأبيض والأسود، والأصفر" فلماذا تكون الأفقر؟ هذا هو السؤال الذي تجاوزته كل الدراسات الاقتصادية الرسمية التي كان همها الوحيد قياس الفقر رقمياً دون تعليله، وتفسيره اجتماعيا، ودون تقديم بدائل حقيقية لتجاوزه.
الطريق إلى حي دير بعلبة «الحمصي» ليس كغيره من الطرقات، لا بسب وعورته وتعرجاته وضيقه، التي هي سمات عامة للطرق السورية، مثلما هي سمات حكوماتها أيضاً، بل بسب الروائح النتنة المنبعثة من جبل القمامة المنتصب قبالة الحي، والذي من النادر أن تجد له شبيهاً في أي بلد من بلدان العالم الثالث أو الرابع أو حتى الخامس، وإذا أثار ذلك المشهد فضول مصور صحفي مغامر، قادر أن يقتحم المكان دون لباس واق للأسلحة الكيميائية كما فعل زميلنا «إسماعيل سويلم»، فإن أية صورة يمكن للكاميرا أن تلتقطها ولو خبط عشواء، كفيلة لدرجة كبيرة أن تسقط حكومة في أي بلد يدعي بأن لديه حكومة؟! مساحات مستنقعية فوق سطح الأرض لا تستطيع أن تجد لها لون في قاموس الألوان، تنبعث منها غازات على شكل حلقات مدورة كأنك أمام نبع كبريتي أو بئر نفط،تعيش فيها حيوانات يمكن لسورية أن تأخذ براءة اكتشاف فيها، وتغطيها أسراب من البرغش والحشرات أصبح لها شكل الخفافيش، مع تسرب كل تلك القاذورات إلى الساقية القادمة من بحيرة قطينة باتجاه البساتين المزروعة بالبطاطا والزيتون والتفاح واليانسون...إلخ.
ربما يكون من مظاهر حفاظنا على التقاليد والتراث الآلات القابعة في مصانعنا النسيجية والتي يبلغ العمر الوسطي لها وفق دراسات متعددة 30 عاماً، وإذا تخيل قارئ أننا نتحدث عن آلات قابعة في متحف ما فإننا نلفت نظره إلى أن هذه الآلات تشكل محوراً هاماً في صناعة النسيج في سورية.
وزير الاقتصاد: التعديل شيء والتطوير شيء أخر
* قال السيد وزير الاقتصاد في تعليقه على دور المصرف المركزي المشوه نتيجة تعديل قانون النقد الأساسي رقم 87 لعام 1953 الذي يعد القانون الأساسي الذي قام عليه النظام النقدي والمالي في سورية والذي اقتبس عنه القانون اللبناني والأردني، هذا القانون الذي تعرض بعد ذلك إلى "تعديل" وبالطبع فإن كلمة تعديل في اللغة العربية السورية لا تقابل بالضرورة كلمة "تطوير" أي ليس بالضرورة أن تكون لها أثارها الإيجابية وليس هذا رأينا فقط فقد قال السيد وزير الاقتصاد النص الحرفي التالي:
الحديث كثير عن التغيير الوزاري المحتمل، ولكن الملفت للنظر أن هذا الموضوع لا يثير اهتمام الجماهير الواسعة إلا بقدر ما تأمل أن يؤثر على أوضاعها المعيشية والمعاشية، وهي تبتعد عن الاهتمام بالموضوع بقدر ما ابتعدت التغييرات السابقة عن التأثير الإيجابي على القضايا التي تهمها، لذلك فقد أصبحت ترى في أي تغيير وزاري تغييرا ً في الوجوه أكثر منه تغييراً في السياسات التي يجب أن تخدم أي تطوير أو تحديث تتطلبه الأوضاع القائمة في سبيل مصلحة التطور الاقتصادي الذي يجب أن ينعكس إيجابياً على مصالح الجماهير الشعبية الواسعة.
حتى السويعات القليلة التي سبقت الإعداد لهذا العدد، ظلت تسود أجواء (الدعم والتدفئة) حالة سديمية ضبابية لا يعرف المواطن ماذا تخبئ له وراءها، ولم تتوضح الرؤية ولم تحسم الأمور رغم مرور أشهر عديدة على دراسات وتبديل وتعديل وتغيير قرارات، حول طريقة الدعم التي ستقدمها الحكومة للمواطنين بشأن مادة المازوت، العمود الفقري الذي تعتمد عليه حياة المواطن في التدفئة والصناعة والزراعة والنقل، وكل المرافق الحيوية الأخرى، والتي كان لرفع الدعم عنها الأثر السيئ في جميع النواحي، من رفعٍ لأسعار المواد التموينية والاستهلاكية، وتكاليف الإنتاج الزراعي والصناعي وأجور النقل، الأزمات التي مازالت تلقي بعبئها الثقيل على المواطن حتى الآن.