الصناعة النسيجية في سورية.. بين المصاعب والحلول
ربما يكون من مظاهر حفاظنا على التقاليد والتراث الآلات القابعة في مصانعنا النسيجية والتي يبلغ العمر الوسطي لها وفق دراسات متعددة 30 عاماً، وإذا تخيل قارئ أننا نتحدث عن آلات قابعة في متحف ما فإننا نلفت نظره إلى أن هذه الآلات تشكل محوراً هاماً في صناعة النسيج في سورية.
هذه الصناعة التي تشكل 25% من مساهمة الصناعة التحويلية ككل في صافي الناتج المحلي وتستوعب حوالي 30% من قوة العمل وتشكل مصنوعاتها النسيجية 11.7% من صادراتنا لتأتي مباشرة بعد النفط والخضار والفاكهة...
إن وضع الآلات هذا ليس المشكلة الوحيدة التي يعاني منها هذا القطاع، فبالرغم من اهتمام التنظيم النقابي به وعلى رأسه الاتحاد العام لنقابات العمال ابتداءً من مؤتمر الإبداع الوطني والاعتماد على الذات وصولاً إلى الاجتماعات النوعية المطولة الخاصة به لمعالجة الصعوبات والمعيقات التي تعترض مسيرته وبالرغم من الدور الذي أخذه اتحاد عمال دمشق والاتحاد المهني ومكتب النقابة لمتابعة هذه الصعوبات ومعالجتها إلا أنه ما زال يعاني العديد من المشكلات أهمها:
1 ـ وضع المادة الأولية الأساسية المشكلة لهذه الصناعة وهي القطن، إذ أن هذه النبتة الشرهة للمياه تباع لمعامل النسيج بسعر أعلى من السعر العالمي بسبب دعم الدولة لها مما ينتج زيادة مبالغاً بها في التكاليف وبالتالي عدم القدرة على المنافسة العالمية،بل أكثر من ذلك يستعاض عن تصدير النسيج الجيد ذي التكاليف المعقولة بتصدير 60% من القطن المحلوج غير المصنع والذي يشكل 5% من إجمالي قيمة الصادرات، وبالرغم من ذلك فإن القطن المتبقي يزداد ثمن مخزونه عاماً بعد أخر ليصل إلى 10 مليارات عام 2000بعد أن كان ملياراً واحداً عام 1997.
2 ـ الزيادة في مخزون المنسوجات لأسباب عديدة منها:
ـ كون هذا الإنتاج نمطياً لا يتناسب وأذواق المستهلكين.
ـ قياس الخطط الإنتاجية بالكم لا بالنوع .
ـ ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين.
ـ إحجام الصناعيين عن استجرار مخصصاتهم من الغزول واستخدامهم للبدائل الصنعية.
ـ ضعف استجرار جهات التوزيع العامة التي أنشأت لهذا الغرض (سندس، التجزئة).
3 ـ الفوائد المترتبة على الشركات نتيجة المديونيات، والتي تدفعها الشركات لمؤسسة حلج الأقطان وبعض الجهات الأخرى دون أن تعامَل بالمثل من قبل الشركات المعنية.
4 ـ احتساب اهتلاك الآلات بالرغم من انتهاء استهلاكها.
5 ـ ضعف الكادر التسويقي وعدم حصوله على التأهيل الكافي في حال وجوده.
وكالعادة فإن الحلول دائماً جزئية تسيء إلى المشكلة أكثر مما تفيد. فمن أجل الخلاص من المخازين لجأت أغلب الإدارات إلى توقيف بعض الأقسام الإنتاجية في الشركات، وكذلك توقيف بعض الآلات، عدا توقف الأقسام الإنتاجية في الشركات وكذلك توقيف بعض الآلات عدا توقف الأقسام الإنتاجية التي موادها الأولية مستوردة كشركة الصناعات الحديثة والشركة الصناعية لخيوط النايلون والجوارب مما نجم عنه ارتفاع كلف وحدة المنتج وحرمان العمال من الحوافز الإنتاجية التي يعتبرونها جزءاً لا يتجزأ من الراتب، وزيادة البطالة.
إذا أردنا أن نعيد إلى صناعة النسيج رونقها أيام الدامسكو والبروكار فيجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التالية:
ـ ضرورة تصريف المخازين الموجودة والخاضعة لشروط تخزين غير مناسبة والتي أدى وجودها إلى تجميد رؤوس الأموال وضعف السيولة النقدية لدى الشركات.
ـ الاعتماد على تقنيات حديثة واستغلال الطاقة الإنتاجية سواء المتاح منها أو المخطط وذلك درءاً للهدر بالجهد والزمن والطاقة، ولذلك يجب تطوير القوانين وأنظمة الشركات وذلك بإعطائها المرونة بالتصرف ومنحها الصلاحيات المناسبة حسب الظرف.
ـ إعادة تأهيل العمالة والإدارية منها على وجه الخصوص.
ـ الانتقال من الإنتاج النمطي إلى الإنتاج المنافس عن طريق تحسين نوعية المنتج وجعله ملائماً لأذواق المستهلكين في الداخل والخارج، ومطابقاً لمقاييس الجودة العالمية، واستخدام المعايير الواقعية للكلف عند وضع التسعير كتخفيض سعر القطن، والتأكيد على بيع الأقمشة مجهزة لا خامية مما يعطي قيمة مضافة أعلى.
ـ تنشيط عمليات التسويق عن طريق تفعيل المديريات والمكاتب التجارية وتطوير منافذ البيع والاشتراك في المعارض العربية والدولية.
إنه لمن المخجل أن تذهب عوائد تصدير المصنوعات النسيجية إلى استيراد خيوط اصطناعية وبنفس المبلغ، هذه الخيوط التي نفرض عليها رسوماً جمركية تساوي 7% من قيمتها في الوقت الذي تفرض فيه مصر على نفس الخيوط رسوماً جمركية بمقدار 53% علماً أن القطن المصري هو من أجود أنواع الأقطان في العالم ويسمى ذا التيلة الطويلة وينافس القطن السوري المسمى أبلاند (UPLAND).