بصراحة الحكومة في واد والطبقة العاملة في واد آخر
في كل الندوات والسهرات التلفزيونية وغير التلفزيونية التي عقدت من أجل تبيان محاسن اقتصاد السوق الاجتماعي، والدور المنوط بالدولة على قاعدة تبنيها لذاك الاقتصاد العتيد، والقاضي كما يقولون أن يكون للدولة دور خاص في تحقيق التوازن بين مصالح الطبقات المختلفة وأن تتدخل لصالح الطبقات الأضعف حين الضرورة، وحين مشيئة أركان الحكومة الاقتصادية، لكي تحقق الحكومة العدالة الاجتماعية وتعطي كل ذي حق حقه؟!
ولكن كما يقول المثل كلام الليل يمحوه النهار، فلا الحكومة تدخلت لإنصاف الطبقة العاملة حقها في زيادة أجورها زيادة حقيقية تمكنها من مواجهة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، ولا العمال استطاعوا أن يفرضوا هذا الحق لاعتبارات عديدة لسنا بصدد ذكرها الآن كي لا يزعل منا الأصدقاء.
الحكومة أصدرت مرسوم الزيادة لعمال قطاع الدولة 5% و80 ل.س، وكذلك زادت لعمال القطاع المشترك بقرار من وزارة الشؤون الاجتماعية عبر مداولات وكتب ذهبت وعادت، ونامت في الأدراج. وأخيراً استفاقت من غفوتها لتطلعنا على الزيادة الميمونة للحد الأدنى لأجل القطاع الخاص من (3500-4805) ل.س دون أن يتضمن قرار الوزيرة زيادة في الأجور، ولا ندري ما هي المؤشرات التي اعتمدت في إقرار رفع الحد الأدنى للأجور هل هو غلاء المعيشة، أم تكاليف الإنتاج، أم نسب الأرباح أم ماذا؟؟
وهل زيادة الحد الأدنى هذه لأجور عمال القطاع الخاص يعبر عن ذاك الدور التدخلي للحكومة لتحقيق توازن المصالح بين الطبقات أم هو تعبير عن انحياز سافر وواضح لصالح أرباب العمل؟؟
إن المتتبع لمقابلات والتصريحات التي أدلت بها وزيرة العمل يستوضح تماماً الموقف المنحاز لأرباب العمل (أليس قلمهم أخضر؟)، ولا يتطابق مع إدعاءات الحكومة بأنها تتدخل حين الضرورة لصالح الطبقات الأضعف فكيف ومتى ستتدخل؟! وهي في كل خطوة من خطواتها تغذ السير باتجاه اقتصاد السوق المتوحش القائم على الاستغلال والنهب للبلاد والعباد.
إن النضال من أجل زيادة الأجور زيادة حقيقية وعلى أساس مؤشر للأسعار يحدد تلك الزيادة المتناسبة مع غلاء المعيشة، وزيادة الأسعار وتكاليف الحياة، مهمة وطنية من الدرجة الأولى غير قابلة للتأجيل والتبرير لِما تحمله من مخاطر حقيقية، إضافة للمخاطر الأخرى والتي تشكل بؤر توتر اجتماعية مثل البطالة الواسعة المتفشية بين صفوف الشباب حيث تبلغ 80% المهمشة، والتي تسعى الحكومة إلى امتصاصها نتيجة تقليص استثماراتها واعتمادها الكلي على الاستثمارات الأجنبية والعربية في امتصاص اليد العاملة وفريقها الاقتصادي، لأن الرأسمال المستثمر يريد دورة سريعة لرأسماله يحقق من خلالها أرباحاً كبيرة وهذا لن يتحقق من خلال الاستثمار بالإنتاج بل عبر أعمال طفيلية، وغير إنتاجية مثل العقارات والسياحة وهذا يؤكد أن الحكومة وفريقها في واد والطبقة العاملة في واد آخر وهذا يعني أن طريقنا نحن العمال هو تعزيز نضالنا ودفاعنا عن حقوقنا ومكاسبنا ووطننا (وما حك جلدك إلا ظفرك).