مذكرة التفاهم… التي ضاعت في دهاليز الإعلام الرسمي!
يبدو أن هناك أخباراً في سورية تولد وفي فمها «ممحاة رسمية»، تُشطَب قبل أن تُكتب، وتُنسى قبل أن تُنشر. وآخر هذه المعجزات الإعلامية هو خبر توقيع مذكرة التفاهم بين شركة دانة غاز الإماراتية والشركة السورية للبترول لإعادة تطوير أكبر حقول الغاز في سورية، بما فيها حقل أبو رباح.
نعم، اتفاق يشمل حقولاً استراتيجية، ويمسّ ثروة وطنية، ويتعلق بمستقبل الطاقة في البلاد..
لكن ماذا عن الإعلام الرسمي؟
ولا كلمة. وكأن الاتفاق جرى على سطح كوكب آخر.
بينما نحن، المواطنون «السُذَّج»، نظن أن أي خبر يتعلق بالغاز والنفط والإنتاج والطاقة- وهي ما تبقى من عصب اقتصاد البلاد- يجب أن نجده على الأقل في موقع وزارة النفط، أو الشركة السورية للبترول، أو وكالة سانا..
لكن للأسف، لا شيء. الفراغ أكثر ضجيجاً من الإعلام نفسه.
المفارقة المضحكة المبكية
بينما تتجاهل المنصات الرسمية خبراً بهذه الحساسية، نجد الإعلام الأجنبي والعربي هو الذي يتكفّل «بإبلاغ الشعب السوري» بما يحدث في بلده.
CNBC عربية؟ نشرت الخبر.
الخليج؟ نشرت الخبر.
مباشر؟ نشر الخبر.
Gulf News؟ نشر الخبر.
أما الإعلام المحلي..
فربما مشغول بخبر «افتتاح ورشة لزراعة أصص الريحان» أو «تنظيم ماراثون رياضي في حيّ ضيّق».
القصة باختصار (لأن الإعلام الرسمي اختصرها تماماً فاضطررنا نحن لتفصيلها):
توقيع مذكرة تفاهم بين دانة غاز والشركة السورية للبترول لإعادة تطوير وتوسعة عدد من حقول الغاز.
حقل أبو رباح- أكبر الحقول المكتشفة في سورية- جزء أساسي من الاتفاق.
ستقوم الشركة الإماراتية بتقييم فني شامل للحقول تمهيداً لوضع خطة تطوير أساسية.
الهدف المعلن: زيادة الإنتاج، تعزيز أمن الطاقة، دعم المجتمعات المحلية.
الهدف غير المعلن: لا أحد يعرف، لأن الجهات الرسمية آثرت الصمت.. وربما الصمت هنا «لغة ثانية».
أسئلة مشروعة.. لكن بلا مجيب
لماذا يغيب بيان رسمي واحد يعلن للناس ما يجري؟
لماذا يتعلّم السوري عن ثرواته من صحف الخليج ولندن وسنغافورة؟
ألم يكن من المنطقي أن تُنشر المذكرة في موقع وزارة النفط السورية قبل أي مصدر خارجي؟
هل تُعتبر الثروة الوطنية خبراً غير مهم.. إلى هذا الحد؟
ربما لو تم توقيع اتفاق لإصلاح إشارة مرور، أو لصيانة دوار مهمل، أو لمهرجان خطابي، لرأينا الخبر على الصفحة الأولى.
أما الغاز؟
أما الطاقة؟
أما حقول أبو رباح؟
فيبدو أنها أمور «ثانوية» جداً في نظر المؤسسات الإعلامية الرسمية.
الدفن الإعلامي والاقتصادي
لا نطلب الكثير، فقط أن يعرف السوري ما يجري في بلده من بلده، لا من شاشات وجرائد الآخرين.
وإذا كانت مذكرة بهذه الأهمية تُدفن إعلامياً، فكيف سنثق بأن ما هو أهم لن يُدفن اقتصادياً أيضاً؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1252