شوكة... أصنصات بمختلف النكهات... المهم الطعمة!

شوكة... أصنصات بمختلف النكهات... المهم الطعمة!

خلال مرورنا في سوق البزورية استوقفنا صدفةً نداء رجلٌ سبعيني في دكان صغير يقول: «منكهات وملونات»!

العم أبو أحمد، ضم دكانه الصغير آلاف القوارير البلاستيكية الصغيرة المملوءة بالمنكهات «أصنصات»، والمعنونة (سمنة، جوز، لوز، فانيليا، جوز هند، زيت بلدي، وكل أنواع الفواكه...)، أي كل ما تشتهي النفس في قارورة بلاستيكية صغيرة!
أما عن الأسعار فالقارورة بعشرة آلاف ليرة لمختلف الأنواع، عدا السمنة بمبلغ 15 ألف ليرة، والزيت البلدي 35 ألف ليرة... «يا بلاش»!
بالإضافة إلى آلاف القوارير الأخرى المملوءة بالملونات الغذائية المختلفة (الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق و...) كل الألوان المشرقة والزاهية التي تثير اللعاب بلا نكهات!
والمدهش هو غزو هذه القوارير البلاستيكية الصغيرة للسوق، وشدة الطلب عليها!
بحسب أبو أحمد فإن الطلب على الأصنصات والمنكهات والملونات كان مستقطباً بشكل كبير من بعض المطاعم ومعامل ومحال الحلويات فيما مضى، مع معرفته أن ذلك من أجل الغش، بينما الآن أصبح الطلب عليها من ربات البيوت هو المتزايد، مع معرفته أيضاً أن ذلك حكماً ليس للغش... بل لأسباب اقتصادية معيشية!
لم ينتهِ الحديث، فقد قال أبو أحمد «المهم الطعمة»!
ويكمل: ليتر الزيت البلدي بـ 125 ألف... ونحنا عيلة يا عمي ما بكفي شي... عم نجيب زيت عادي ومنحط كم نقطة... المهم الطعمة لك عمي... المهم الطعمة... وهيك كل الناس عم تعمل... حتى الطبخة يلي بدها سمنة متل الأوزي والفريكة... وحتى الحلويات عم نعملها بزيت ومنحط كم نقطة نكهة سمنة.. المهم الطعمة عمي المهم الطعمة!
بكلمات قليلة وبسيطة وعفوية عبر العم أبو أحمد عن معاناته الشخصية الكبيرة والمعممة على عموم السوريين من الغالبية المفقرة التي تعيشها يومياً!
فالأسر السورية كانت تبحث عن الطبيعي في طعامها، العصير الطبيعي، والزيت البلدي البكر، والسمنة الحيوانية غير المهدرجة، وتخاف على صحتها وصحة أطفالها، لكن الفقر والقهر والحاجة دفع بها إلى قارورة المنكهات والملونات!
فلم يعد هناك شيءٌ مُستغرب بالنسبة للغالبية من السوريين، فالفقر والحاجة كفيلان بكل شيء، وأسباب الفقر باتت جليةً للجميع، فسياسات الإفقار الممنهجة التي تتبعها الحكومة، وتوجهاتها الظالمة التي فاقمت من آثارها السلبية على حياة المواطن قررت إنهاء الدعم، كل هذه السياسات، مع كل ما خلفته ولا تزال تخلفه من موبقات، دفعت بالمواطن إلى المزيد من الفقر والحاجة، ورسخت الحرمان في عيون أطفاله!
فهل من مفارقة فيما تعيشه يومياً ربة المنزل، وهي تغش الطعام لأطفالها عنوة، من صراعات داخلية ما بين صحتهم ونموهم وكل تلك العناصر الغذائية الضرورية التي حرموا منها، مقابل عبارة «المهم الطعمة» كحد أدنى تم الوصول إليه غصباً عنها بسبب الحاجة وسياسات الإفقار والتجويع الظالمة!
أي بؤس سيستمر طالما استمر ظلم السياسات وجورها!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1191
آخر تعديل على الأربعاء, 11 أيلول/سبتمبر 2024 21:49