حلول أزمة المواصلات تُفاقم الأزمة!
تفاقمت أزمة المواصلات خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير، وتزايدت معها معاناة المواطنين بشكل أكبر، فالازدحام في مراكز الانطلاق وتجمع السرافيس أصبح أكثر كثافة، وانتشار المواطنين على مسارات خطوط المواصلات تزايد بانتظار أية وسيلة مواصلات تقلهم إلى وجهاتهم المختلفة!
تندرج أزمة المواصلات المزمنة ضمن جملة من الأعباء غير المتناهية التي فرضت قسراً على السوريين أن يتعايشوا معها مُكرَهين!
فمن طوابير الخبز، إلى الانتظار على أبواب المؤسسات، وصولاً إلى ساعات الانتظار الطويلة التي يقضيها أمام محطات الوقود، ناهيك عن الغلاء الفاحش، وصولاً إلى أزمة المواصلات المزمنة، ولا حلول جذرية، أو حتى مؤقتة توقف المعاناة اليومية للمواطنين!
الحجج ذاتها ولا تتغير!
مع كل أزمة أو انخفاض في التوريدات النفطية المتاحة، تتفاجأ الحكومة بوجود وسائل نقل عامة وخاصة بحاجة إلى الوقود، وبدلاً من وضع حلول مسبقة لسيناريوهات انخفاض التوريدات النفطية التي باتت ظاهرة متكررة بشكل شبه دوري، تلجأ إلى الحلول الترقيعية، وكأنها تتعامل مع هذه الأزمة للمرة الأولى!
حيث قال عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق لقطاع النقل قيس رمضان أن السبب الرئيسي في قلة وسائل النقل العام هو تخفيض عدد طلبات المازوت لوسائل النقل العامة (السرافيس) منذ بداية شهر أيلول الحالي. وأرجع رمضان ذلك إلى قلة التوريدات في جميع المحافظات.
على الرغم من ذلك فإن المواد النفطية متوفرة في السوق السوداء، وفائضة بالشكل الذي يلبي الاحتياجات، ما يعني أن سبب الأزمة ليس نقصاً موضوعياً في توريدات المشتقات النفطية كما هو معلن أو ظاهر، إنما هو تجفيف متعمد عبر المنافذ الرسمية على حساب مصلحة المواطنين ولحساب مصالح المتنفذين والفاسدين!
الحلول أحادية الجانب!
مشاكل المواصلات لا تقتصر فقط على عدم توفر خدمة النقل للمواطنين فقط، وبالتالي عدم تمكنهم من ممارسة أنشطتهم الاعتيادية بشكل يومي، سواء الذهاب إلى العمل أو الذهاب لتقديم الامتحانات... إلخ. ولكن السائقين وأصحاب وسائل النقل العامة والخاصة، يعانون أيضاً من الظروف التي تحكم هذه المهنة، سواء من التسعيرات غير المنصفة التي تفرضه عليهم دون حساب التكاليف الجانبية الكثيرة، أو من خلال الانتظار إلى أيام وليالٍ على طوابير محطات الوقود، ناهيك عن التكاليف المرتفعة لصيانة هذه المركبات. ما يدفع أصحابها إلى ممارسات غير قانونية مثل التعاقدات مع المدارس والروضات لنقل الطلاب والتخلي عن ممارسة الدور الأساسي في توفير خدمات النقل، أو من خلال بيع مخصصاتهم من الوقود في السوق السوداء، التي لم يعد بإمكانهم اللجوء إليها بسهولة بعد تركيب أجهزة التعقب!
والحلول الترقيعية التي تعتمدها الجهات الرسمية، تبدو كأنها منحازة نسبياً لصالح المواطنين تارة، أو منحازة نسبياً لصالح السائقين تارة أخرى، ولا وجود لحلول تلبي مصالح الأطراف كلها!
حيث قال مصدر في محافظة دمشق إنّ لجنة المحروقات في المحافظة سمحت «للسرافيس» بنقل طلاب المدارس بفترة صباحية وأخرى مسائية بموجب موافقة من المحافظة على أن تُنفّذ رحلتان وبمسافة 25 كم فقط لا غير.
ما يعني تخلي المزيد من وسائل النقل وبموافقة رسمية عن ممارسة الدور الرئيسي في تقديم خدمات النقل، وبالتالي تضاعف الأزمة بشكل أكبر وأكبر، وعلى مدار العام الدراسي كله بالحد الأدنى، على اعتبار السماح للسرافيس بنقل طلاب المدارس!
البدائل تفوق قدرة المواطنين!!
في ظل هذه الأزمة المتفاقمة، قد يفكر المواطنين باللجوء إلى التكسي سرفيس كأحد البدائل المتاحة، إلا أن هذا البديل غير متوفر في كل الأوقات وعلى كل الخطوط، ومن جهة أخرى فإن تكاليفها تفوق قدرة المواطنين، خاصة وأن عوامل الاستغلال ورفع الأسعار تزداد في ساعات الذروة أو في ساعات المساء والليل!
إضافة إلى أن هذا البديل فيما يخص خطوط النقل ذات المسافات الطويلة بين الريف والمدينة – إن وجد – فهو مرتفع التكلفة بشكل كبير، ما يعني أن القاطنين في الريف سيعانون بشكل كبير في سبيل الوصول إلى أماكن أعمالهم أو جامعاتهم، هذا إن استطاعوا ذلك في ظل تفاقم الأزمة إلى هذه الدرجة!
فإلى متى ستبقى الحلول الترقيعية التي تفاقم الأزمات على حساب المواطنين هي السائدة؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1191