أزمة المشتقات النفطية المزمنة دون حلول!
أزمة المحروقات الشائكة والمستعصية باتت جزءاً من يوميات قهر المواطن المفقر، وأكبر عبءٍ من أعبائه!
فكل شيء يعتمد عليها، من المواصلات للكهرباء والتدفئة، حتى أسعار السلع باتت مرتبطةً بها بشكل كبير، ولعل السبب الأساسي وراء تعاظم هذه المعضلة وترسخها هو تعامي الحكومة، أو الأصح تغافلها عمداً عن إيجاد أي حل واعتمادها حلولاً مؤقتة لا تصب إلا في جيوب الفاسدين وتخدم مصالح حيتان السوق السوداء!
فالحكومة لا تريد إيجاد حلول عملية لهذه المشكلة، بل العكس، فقد أصبحت في كثير من الأحيان جزءاً منها، فباعتمادها على سياسات مؤقتة ومسكنات اقتصادية، مثل رفع الأسعار وتخفيض كمية الدعم على المحروقات وتخفيض الإنفاق، زادت الأعباء على المواطن المعدم الذي يعيش بالفعل تحت ضغوط اقتصادية ومعيشية خانقة، وأمامه أفق مسدود حالك، فلا حلول حالية ولا حتى مرتقبة بسبب السياسات الحكومية!
مخصصات شحيحة وسوق سوداء منفلتة!
استمرت الجهات المعنية بنهجها التقشفي فيما يتعلق بالمحروقات، بتسعيرها وآلية توزيعها الكمية، سواء للفعاليات الاقتصادية والخدمية أو للمواطنين، ظناً منها أنها بهذا تضبط الهدر وتسيطر على الأسواق، ولكن العكس هو الصحيح!
فبتوزيع مخصصات مقننة وغير كافية أجبرت الحكومة المواطن على اللجوء إلى السوق السوداء لتغطية احتياجاته، فليس هناك بديل!
ورغم قيام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتخفيض أسعار بعض المشتقات النفطية بشكل طفيف حسب آخر نشرة صدرت، حيث حددت ليتر البنزين 90 بسعر 11,687، بدلاً من 12,013 ليرة سورية، و ليتر أوكتان 95 بسعر 13,304 بدلاً من 13,630 ليرة سورية، فيما حددت ليتر المازوت الحر بسعر 11,524 بدلاً من 11,629 ليرة وشمل التعديل مادة الفيول حيث حددتها بسعر 8,263,605 ليرة للطن والغاز السائل بسعر 11,888,478 ليرة للطن، ضمن تخفيض يكاد لا يذكر، إلا أن سعر ليتر البنزين في السوق السوداء ارتفع إلى مستويات تخطت 30 ألف ليرة، وتبعته باقي المشتقات من مازوت وغاز!
وهنا نتساءل ما هدف الحكومة من هذه القرارات؟
وما فائدة تخفيض الأسعار أمام ندرة المادة؟
ومن أين جاءت المادة لتُغرق السوق السوداء وبأسعار غير منطقية؟
بالمقابل فإن اللافت بالموضوع هو انخفاض أسعار النفط عالمياً!
فلماذا ترتفع أسعار المحروقات محلياً إذاً؟
فتراجع أسعار النفط عالمياً ربما دفع إلى تقييد نسبي في أسعار المشتقات النفطية محلياً، وقد تجلى ذلك بتخفيض أسعارها الرسمية شكلياً فقط، ولكن عملياً ونتيجة التخفيض الحكومي لكميات التوزيع، ولجوء المواطن اضطراراً نحو السوق السوداء، لم تنخفض الأسعار في هذه السوق بل ارتفعت وما زالت ترتفع، ارتباطا بمصالح المتحكمين بها من الناهبين والفاسدين، المستفيدين من أرباحها الكبيرة على حساب المواطن المعدم بالنتيجة!
تداعيات كارثية!
خلقت أزمة المحروقات، المفتعلة بمعظمها، العديد من الأزمات الخدمية والمعيشية الخانقة في معظم المحافظات، حيث شُلت حركة النقل، وبدأت أزمات المواصلات تتفاقم بانعكاساتها السلبية على معظم المواطنين، من طلبة وعمال وموظفين، إضافة إلى ازدياد ساعات التقنين الكهربائي بذريعة نقص التوريدات كالعادة!
كذلك تأثرت أسعار البضائع والسلع، خاصة المواد الاستهلاكية اليومية، وكل هذا في ظل انعدام القوة الشرائية وسوء الوضع الاقتصادي والمعاشي للأكثرية الساحقة من المواطنين!
هذا ولم نتطرق بعد لتداعيات أزمة المحروقات على القطاعين الصناعي والخدمي، فارتفاع أسعار المحروقات واضطرار الصناعيين للجوء إلى السوق السوداء شكل أعباءً مادية كبيرة رمت بهول ثقلها على سلاسل الإنتاج والتوريد جميعها، فيما عانت بقية القطاعات، الخدمية والتجارية، من ارتفاع تكاليفها، وصولاً إلى إغلاق بعض المنشآت، أي مزيد من الخسائر على المستوى الاقتصادي العام!
فأزمة المحروقات المزمنة وغير المحلولة أثرت وما زالت تؤثر على جميع جوانب الحياة وتفاصيلها، وكل هذا وسط تغافل حكومي ممنهج ومقصود!
فماذا بعد؟ ولصالح من كل هذا؟
الإجابات ربما باتت معروفة وجلية أمام الجميع، فكل ما جرى ويجري، بغطاء رسمي عبر السياسات والقرارات والتوجيهات، أو من دونها، يصب بمصلحة كبار حيتان النهب والفساد، على حساب مصلحة البلاد والعباد!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1191