مع نهاية 2020.. يكفينا معاناة.. نستحق الأفضل
2020 بدايةً.... كانت تبشر بأخبار سارة وجميلة إضافةً لوعود حكومية رائعة، محملة بأحلام اليقظة للسوريين، للعيش في حياةٍ هنيئة مليئة بجميع المستلزمات الحياتية، وعلى جميع الأصعدة أيضاً، بعيدة كل البعد عن الصراع المعتاد من أجل الحصول على أبسط الحقوق، أو إن يصح القول: للحصول على الأساسيات الحياتية اليومية.
هذه الوعود تكللت بالأكاذيب كالمعتاد، فسنة 2020 اعتبرها الكثير من الشعب السوري المسحوق- العام الأكثر سحقاً لهم، فقد كان هذا العام بأيامه واقعاً سوداوياً ووحشاً لاحقهم على مدار 360 يوماً.
توقعات غير متوقعة
في حين كان عامة الشعب منشغلين باستقبال العام الجديد «2020» بأمنيات وأحلام جديدة، غير كل تلك الأعوام التسعة المليئة بالحروب والنزاعات والقتل والدماء- أحلام مُحملة بتلك الحياة المثالية- الرائعة- التي يحلم بها الجميع- بأن تمحي من ذاكرتهم وحش الحرب والقذائف والرعب الذي مروا به، فما كان لهم إلّا أن تكون تلك الأحلام محكومة بالأمل فقط.
فتلك الوعود التي سمعناها مراراً وتكراراً من السلطات العليا- «أصحاب الكراسي» الفخمة- بتعويض سنوات الحرب بعام مليء بمفاجأة جميلة، مليء بالرفاهية «ويقصد بها حقوقنا الأساسية» والخدمات التي قد حُرمنا منها طيلة تسعة أعوام، ولكن ما حصل هو أن بقي الشعب يدفع ثمناً باهظاً، لبقاء هؤلاء على كراسيهم الفخمة وفي مناصبهم، دون الحصول على أقل مستحقاته، لا بل كان عاماً مليئاً بالحرمان والتضييق المتزايد مقارنةً بالأعوام السابقة.
فما كانت وعود تلك المناصب و«الكراسي» سوى لعبة استغلالية استنزفت جيوب المفقرين والمهمشين الجالسين على هامش الطرقات، فلم تعد تلك الكراسي وأصحابها تروق للمواطن، ولم تعد مكاناً للثقة حتى، وبقيت أماني وأحلام المواطن السوري قيد التنفيذ داخل المخيلة وفي العقل الباطن.
أزمات متتالية
بالعودة قليلاً لعام 2019، نرى أن الأزمات في سورية قد أخذت شكل منحنى بياني، فيه نقاط ذروة، التي تعبر عن أزمات مستفحلة وخانقة، مثل: الحصول على مادة الغاز أو تردٍ في الكهرباء... إلخ، والنقاط الأخرى يمكن القول عنها «نقاط اعتيادية» التي عاشها المواطن السوري طيلة ذاك العام، يمكن القول عنها أنها «شكل طبيعي» إلى حدٍ ما.
أما الذي رأيناه في عام 2020 فقد أخذت شكل قمم متتالية للأزمات السابقة، وخالقة لأزمات وقمم جديدة.
وما سمعناه ببداية 2020 من وعود حكومية، إلّا أنها لم تكن سوى وعوداً خُلبية لم تسد رمق المواطن السوري، بل زادت هذه الوعود الطين بلّة.
تدهورت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أكثر، وخاصة خلال النصف الثاني من عام 2020، مما زاد عليهم الاختناق الذي يعيشونه، وزادت الأزمات المُفتعلة أيضاً، والتي أُلقي عليها تسمية «الأسوأ» من سنوات الحرب والدماء.
غلاء فاحش طال كل شيء، جوعٌ كافر لامس المسحوقين من السوريين وسحقهم أكثر فأكثر، لم يعد بالإمكان تجميل تلك الأزمات أو إخفاؤها، إضافةً إلى أن ارتفاع الأسعار لم يقف على حدود الطعام والشراب والسلع ككل، بل لامس أيضاً الطبابة- التعليم- المواصلات... إلخ، وخلق «سوقاً سوداء» لجميع المستلزمات والاحتياجات، حتى أصبحت الحياة أكثر صعوبة مما كانت عليه، والحكومة كانت وما زالت أذناً من طين وأذناً من عجين للأسف.
لسنا بخير
انتهت سنوات الحرب والقذائف ولكننا لسنا بخير، ما نعيشه اليوم وفي هذا العام تحديداً أقسى بكثير مما عشناه بأصعب أيام الحرب.
اليوم، لا يعتبر الجوع والبرد والمرض مشاكل بسيطة، بل هي أزمات حقيقية كموت مؤجل ومنتظر، لا نعلم متى سيأتينا فعلاً!
باقونَ باقون
ليس هناك أي تغير سيطرأ على صعيد الوضع المعيشي المزري والقاتل الذي يعيشه المواطن السوري اليوم، ما دام الفساد غارزاً أنيابه من قبل الحرب، حتى أصبح اليوم «فساداً أُس ثلاثة»، وما دامت الأيدي الناهبة لحقوق المواطن السوري لم تُبتر بعد، والدعم الذي يُقدم للمستفيدين من «السوق السوداء» للاستفادة منها أيضاً على حساب المواطن، ليس فقط على صعيد أسعار صرف العملات الأجنبية وما يتبعها من ذرائع لرفع الأسعار، بل وأصبحت لدينا «سوق سوداء» لجميع الأزمات المفتعلة، سواء المحروقات أو الخبز كأبسط مثال.
و«السوق السوداء» هي اقتصاد الظل «تحت الطاولة» كما يقال، يتم خلالها ملء الجيوب من أموال عامة الشعب دون رقيب أو حسيب، ولهذا فإن الدعم لهذه السوق لن يتوقف ما دام هناك الكثير من الحيتان المستغلين وتجار الحروب والأزمات تحت رعاية الحكومة الموقرة، دون خجل أو حياء، أو حتى تأنيب الضمير.
فبدون التخلص من ذلك الفساد المتغلغل والداعمين له، لن يتغير هذا الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري، لا في العام المقبل ولا حتى في الأعوام المقبلة الأخرى.
«الله يفرج»
هي العبارة التي استخدمها الشعب السوري جميعه في الوقت الذي لم تسعفه الكلمات بالعثور على حلولٍ شافية تسد رمقه.
«لن يستمر الوضع على ما هو عليه»، جملة باتت تتردد كثيراً كل يوم وعلى ألسنة الجميع، دون أن يعلم أحد هل حقاً لن يستمر هذا الوضع في ظل استمرار الرعاية الحكومة للفاسدين وللحيتان وتجار الحرب والأزمات؟؟
ملخص وتفاؤل مشروع
نحن اليوم في نهاية العام الأسوأ من أعوام الحرب والقذائف، الذي عاشه عامة الشعب المُفقر، أيام قليلة وسينتهي العام، لكن دون انتهاء المعاناة المعيشية.
التصريحات الحكومية على مدار سنوات الحرب لم تكن سوى إبرة بنج مؤقتة، بل زادت الوضع سوءاً، فلم نشهد سوى حياة جحيمية قاتلة.
فقد أدارت الحكومة ظهرها للشعب، ورمت به في أوهام، وأرادتنا قتلى- أحياء، لتنفيذ مصالحها ومصالح رعاياها المحظيين على حسابنا ومن عرق جبيننا، بغية استمرار سياساتها التطفيشية بالنهب والفساد والاستغلال، ودعمها لحيتان المال والفساد، وكل أوجه التضييق على المواطنين دون خدش ضميرهم، «فالعصافير بنت أعشاشها في رأس الشعب السوري»، وانتظار المغرب طال على الصائم....
واستقبالاً للعام الجديد، مع جرعة أمل مشروع فيه، نؤكد مجدداً أننا نستحق حياة أفضل، بعيداً عن كل أوجه النهب والاستغلال والدعم الحكومي له، وسنعمل على تحقيق ذلك ما استطعنا إليه سبيلاً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 998