نازحون.. منسيون في الأهوال

نازحون.. منسيون في الأهوال

غطت جائحة «الكورونا» الحالية على الكثير من الكوارث الأخرى التي تصيب السوريين، والتي أصبحت تمر مرور الكرام عبر وسائل الإعلام.

فالمنخفض الجوي الأخير الذي أتى على المنطقة (مصر- سورية- الأردن- لبنان- تركيا) على شكل رياح عاتية وأمطار وغبار، كان كارثياً على قاطني المخيمات المنتشرة في بلدان هذه المنطقة، وخاصة صغار السن والمرضى.

بعيداً عن التوثيق

غطت بعض وسائل الإعلام ما حل من خراب بنتيجة هذا المنخفض على بعض المدن في بعض بلدان المنطقة، مع بعض الصور التي توثق بعض الأضرار على الممتلكات، بالإضافة إلى توثيق بعض الإصابات فيها، لكنها لم تغطِّ ما حل من خراب ودمار في المخيمات المنتشرة داخل هذه البلدان وعلى حدودها، والتي يقطنها عشرات الآلاف من السوريين الهاربين إليها نزوحاً.
مع أخذ تباين حالة المنخفض الجوي (قوي- متوسط- ضعيف) بين دولة وأخرى خلال مروره في هذه المنطقة بعين الاعتبار، فقد عصفت الرّياح العاتية بخيم هؤلاء المتهالكة أصلاً، مقتلعة الكثير منها، مع ما تحتويه من بقايا ألبسة رثة، أو أغطية مهترئة، وحتى بعض الأواني البلاستيكية الخفيفة والمتكسرة أيضاً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المقتنيات البسيطة تعتبر بالنسبة لهؤلاء ممتلكات حياتية لا يمكن تعويضها بسهولة، كما أغرقت الأمطار كافّة الخيام المنتشرة في هذه المخيمات، بالإضافة إلى الممرات الضيقة المتاحة بينها، محولة إياها إلى برك طينية ومائية، أصبح التحرك عبرها أكثر صعوبة، باعتبارها أصلاً غير ممهدة أو معبدة.
أما الأسوأ فهو ما أصاب الأطفال، وكبار السن من المرضى، جراء العاصفة الغبارية المصاحبة للرياح القوية، فالأمر لم يقتصر على البرد المصاحب لهذا المنخفض وما ينجم عنه من أمراض، بل تعدى ذلك إلى حالات أشبه بالاختناق، في ظل واقع التردي الصحي الذي يعانون منه أصلاً.
وبهذا السياق، وفي ظل الحديث المستفحل عن «الكورونا»، فالملاحظ أن هذه المخيمات، وقاطنيها المقدرين بعشرات الآلاف، كانت بعيدة كل البعد عن السبر والرصد والمتابعة لهذا المرض «الكارثة»، وكأن هؤلاء خارج السياق بل وخارج الحياة ربما، سواء من قبل الدول المنتشرين فيها، أو من قبل المنظمات المعنية بهذه الجائحة، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية.

استمراراً لمعاناة

مع الأسف لم يتم رصد هذه الأهوال التي تعرض لها هؤلاء السوريون، لا من قبل وسائل الإعلام، ولا من قبل المنظمات التي تتغنى بإنسانيتها، كما لم تلفت نظر الدول التي تتاجر بكارثة هؤلاء على طول الخط، وطيلة السنين الماضية، حيث عاشوا المأساة الأخيرة منفردين، مع توقع استمرارها بأشكال وألوان مختلفة لاحقاً، طالما بقي ملفهم طيعاً وهشاً وقيد الاستثمار السياسي أو الاقتصادي والمالي والأمني، من قبل كلِّ من هبِّ ودب من الدول والقوى والمنظمات، على حساب استمرار معاناتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
957
آخر تعديل على الإثنين, 16 آذار/مارس 2020 12:19