تجارب وتخبط.. والمواطن ضحية
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

تجارب وتخبط.. والمواطن ضحية

بالمقابل يبدو الحديث عن الأزمات المرافقة لهذه التجارب، قبلها وبعدها، وعلى هامشها وبعمقها، ربطاً مع شرائح المستفيدين منها فساداً واستغلالاً، نوعاً من التكرار الممل باعتباره غير مجدٍ، في ظل استمرار أنماط التجريب مع غضِّ الطرف عن أوجه الاستغلال فيها.

تجارب الغاز غير المنتهية

فعلى مستوى مادة الغاز، وبعد الخوض بتجربة البطاقة الذكية بمراحلها المختلفة، وصولاً إلى انتظار الرسالة الموعودة من قبل المواطنين، لم يقف الأمر عند هذا الحد من التجارب على ما يبدو!.
فقد صرَّح مدير عمليات الغاز في شركة محروقات عبر «ميلودي إف إم» منذ عدة أيام، أنه: «خلال أيام سيتم البدء بتوزيع الدفعة الثانية من الأسطوانات للمستحقين الذين حصلوا على الجرة الأولى بالنظام الجديد، وستكون دورة الحصول على الأسطوانة أقل من الأولى وكلما توفرت المادة أكثر سوف تقل الدورية والبداية ستكون خلال يومين إلى ثلاثة من محافظة طرطوس والسويداء، والمحافظات التي كانت فيها نسبة التنفيذ قليلة، أما دمشق فقبل نهاية الشهر الحالي»، مفسراً أن: «الدورة الأولى كانت تجريبية من ناحية فترة الاستلام والمعتمدين لذلك استغرق الحصول على الجرة أكثر من شهر»، مضيفاً: «قد يحصل المواطن على الجرة الثانية خلال شهر تقريباً، وفي الدورة الثالثة ستكون العملية أسرع».
الحديث أعلاه لا يمكن فهمه إلّا وفقاً للعبارة «وفسر الماء بعد الجهد بالماء»، خاصة في ظل عبارات جديدة مساقة بهذا الموضوع لأول مرة والمرتبطة بالدورات (الأولى والثانية والثالثة)، وكأننا على مشارف اعتماد نموذج التوزيع الربعي لأسطوانة الغاز المنزلي، بغض النظر عن الضرورة والحاجة بالنسبة للمواطنين، والاضطرار للجوء للسوق السوداء بالنتيجة.

المواد الغذائية «المدعومة» والسورية للتجارة

بعد أخذ ورد، وتجربة فاشلة خلال الفترة الماضية من قبل السورية للتجارة من أجل توزيع بعض المواد الغذائية «المدعومة» عبر البطاقة الذكية (سكر- رز- شاي) ثم تلاها (الزيت النباتي) مع فتح الباب لإضافة مواد أخرى (معلبات- متة..)، على أنها بغاية كسر الأسعار والمنافسة ومنع الاحتكار، وبعد الكثير من الملحوظات على أداء السورية للتجارة، وعدم وصول الدعم لمستحقيه بالنتيجة كما هو مفترض، ها هو مدير السورية للتجارة يقول، بحسب صحيفة البعث الرسمية: «إن تجربة توزيع المواد الغذائية عبر البطاقة الذكية ضمن صالات السورية، لا تزال في طور التحديث ولابدَّ أن تتخللها بعض الأخطاء التي تعمل المؤسسة على استدراكها بتطبيق بعض المقترحات كالتوزيع الربعي أي كل ثلاثة أشهر».

حديث المدير أعلاه بمعنى آخر هو اعتراف بالتقصير أولاً، وثانياً التأكيد على أن المواطن سيستمر بالخضوع للتجارب من قبل السورية للتجارة، بغض النظر وصل إلى مستحقاته أم لم يصل إليها، خاصة وأن التعليمات تمنع تدوير هذه المستحقات من شهر لآخر، وما على المواطنين إلا أن يستمروا بالازدحام أمام الصالات، بكورونا أو بعدمها، أما عن دور السورية للتجارة على مستوى كبح الأسعار والمنافسة ومنع الاحتكار فقد أصبح طي النسيان، فلا أسعار ضبطت ولا هم يحزنون.

تخبُّطٌ في مطبخ الجريب

الخبز لم يكن بعيداً عن التجريب أيضاً، فالطوابير مستمرة، كما هي حال السوق السوداء لهذه المادة، وكذلك الاشتراك بخدمة الإنترنت وباقاتها، وربما ليس آخراً بهذا الصدد اقتراح وزارة الزراعة مؤخراً: «إنتاج فروج بوزن منخفض ليناسب دخل المواطن»، كما تداولته بعض وسائل الإعلام، وكأن الأعين الرسمية ضاقت على المواطنين بوزن الفروج المعدّ للاستهلاك أيضاً، وغيرها من التجارب المريرة التي لا تثبت إلا حال التخبط والعشوائية التي تمر من خلالها بعض القرارات الرسمية، بعيداً عن الدراسة الجدِّية لها ولنتائجها قبل صدورها والبدء بتنفيذها، وما على المواطنين إلا أن يكونوا مطبخاً لهذه التجارب، على حساب احتياجاتهم، ومن جيوبهم، وعلى حساب تعبهم ووقتهم أيضاً، مع عدم إغفال استمرار أوجه الاستغلال والفساد، بل واستفحالها أيضاً وأيضاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
957
آخر تعديل على الإثنين, 16 آذار/مارس 2020 12:18