حي القابون بين مطرقة الزمن وسندان الاستثمار
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

حي القابون بين مطرقة الزمن وسندان الاستثمار

تصريح جديد حول منطقة القابون تداولته بعض وسائل الإعلام مؤخراً، على لسان أحد أعضاء المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق، ورد فيه: «أن المحافظة تُعِدّ مخططاً تنظيمياً جديداً لمنطقة القابون وفق القانون 10، وأنها قامت بجرد كامل للمساكن الموجودة في الحي والقابلة منها للسكن».

كما تضمن التصريح أن: «المساكن القابلة للسكن سيسمح لأصحابها بالعودة لها خلال فترة قريبة بالتزامن مع إعداد المخططات الجديدة»، وبأن: «المباني المنظمة في الحي لن يشملها التنظيم الجديد، والذي سيكون فيه فائدة كبيرة لسكان الحي من خلال الأسهم التي سيحصلون عليها مقابل مساكنهم».
عامل الزمن الثقيل
البعض من أهالي حي القابون استبشروا خيراً بالحديث عن وجود مساكن قابلة للسكن بنتيجة الجرد الذي جرى الحديث عنه أعلاه، وبأن المباني المنظمة لن يشملها التنظيم، وبأن أصحاب هذه المساكن سيسمح لهم بالعودة بالتزامن مع إعداد المخططات التنظيمية، وتبقى المشكلة بالنسبة لهؤلاء، هي: متى سيسمح لهم بالدخول إلى منطقتهم كي يعرف كل منهم من تنطبق على مسكنه إمكانية السكنى فيه مجدداً من عدمها؟ وكيف سيتعاملون مع المباني المنظمة التي لم يشملها التنظيم بحال كانت بحاجة للترميم والتدعيم من أجل إعادة تأهيلها للسكن فيها؟ فعامل الزمن بالنسبة لهؤلاء أصبح ثقيلاً عليهم، خاصة وأنهم حتى الآن ممنوعون من دخول المنطقة، وهم كغيرهم من المهجرين والنازحين يعانون مغبات التهجير والنزوح، بالإضافة إلى ما يتكبدونه شهرياً لقاء بدلات الإيجار التي لا ترحم، على حساب متطلبات معيشتهم وحياتهم.
حقوق وتجربة ماثلة
أما البعض الآخر من الأهالي الذين وصل التصريح أعلاه لأسماعهم فقد حاروا في تقييمه وسبر غور أبعاده على واقعهم ومستقبلهم وحقوقهم ومصالحهم، فهؤلاء لم يستغربوا الحديث عن المخططات التنظيمية الجديدة المزمع إعدادها، فقد سبق للحكومة أن كلفت وزارة الأشغال العامة والإسكان بإنجاز مخططات تنظيمية جديدة لمناطق جوبر وبرزة والقابون ومخيم اليرموك، وذلك منذ مطلع شهر تموز الماضي، لكنهم توقفوا عند المدة الزمنية اللازمة من أجل إنجاز مثل هذه المخططات، وصولاً إلى مرحلة وضعها بالتنفيذ وفقاً للقانون 10، وما هي المدة الزمنية الكافية للتنفيذ الفعلي لهذه المخططات على أرض الواقع؟ وصولاً ليتمكن بعضهم من العودة إلى المنطقة والاستقرار فيها مجدداً.
فهؤلاء لم يشعروا بالسعادة بالحديث عن الفائدة الكبيرة من خلال الأسهم التي سيحصلون عليها مقابل مساكنهم، خاصة وأن التجربة العملية الماثلة أمامهم على هذا المستوى هي تجربة أهالي بساتين خلف الرازي، ومعاناتهم المستمرة منذ سنوات انتظاراً لهذه الفائدة المرتبطة بالمدة الزمنية اللازمة للتنفيذ، والتي ما زالت قيد الانتظار حتى الآن، فقد اضطر غالبيتهم لبيع أسهمهم للتجار والسماسرة تحت ضغط عاملي الحاجة والزمن، أي: أن هذه الغالبية أصبحت خارج منطقتها إلى غير رجعة، أما الأسهم فما زالت قيد التداول حاصدة الأرباح في جيوب السماسرة والتجار، باعتبار أن المنطقة أصبحت من الناحية العملية للنخبة من الأثرياء، وهو ما طُبع بأذهان أهالي حي القابون الذين لا يتوقعوا أن يكون حال منطقتهم وحالهم بأفضل من ذلك، خاصة وأن عامل الزمن سبق وأن استنفذهم حتى الآن، فكيف الحال مع الإجراءات الطويلة المرتقبة، ودخول المستثمرين والسماسرة على خط الإتجار وتحقيق الأرباح من الأسهم والمشروع المزمع ككل؟!