السياحة والنقل في بلدنا.. المواطن ضحية الشركات والسماسرة.. ومن ورائهما المحافظة!

تبنت جميع الحكومات المتعاقبة على الدولة السورية قضية محاربة الفساد باعتبارها من أولويات مهامها على الصعيد الوطني، لكن واقع الحال يأتي معاكساً لتلك السياسات تماماً، فما نزال نرى كثيراً من المفسدين يسرحون ويمرحون ويتربعون على صدورنا ويعيثون فساداً باقتصاد البلد وأمنه، وكذلك نجد أن بعضاً ممن تلوثت أيديهم بالفساد يتبوؤن مناصب رفيعة في مفاصل الدولة، وقد حفلت سجلاتهم وتاريخهم بالموبقات، ورغم ذلك ما زالوا يتحكمون بأرزاق العباد والبلاد، وإن ذهبنا في طرحنا إلى أبعد من ذلك وبأكثر شفافية ووضوح، فإننا كثيراً ما نلاحظ أن المناصب لا تزال تباع وتشترى بالمال، ولا تزال المحسوبيات ترتع في مفاصل الوزارات والإدارات، فكم من المشاريع الخدمية قد تم تعطيلها، وأخرى تم تجاهلها أو توقيفها؟ وكم من مشروع كان قائماً وأنفقت عليه الملايين ليتم تخريبه وتدميره ليعاد تشكيله من جديد برؤيا ووجهات نظر، من لا رؤيا لديهم سوى هدر المال العام دون حسيب أو رقيب.

مركز للسفر أم مركز للسماسرة
يعتبر مركز لبنان والأردن الموحد المركز الوحيد بمدينة دمشق لنقل الركاب إلى كل من الأقطار العربية المجاورة وخاصة لبنان والأردن، حيث أنشأ المركز بموجب القرار رقم /47/ الصادر عن مجلس محافظة دمشق بتاريخ 1/7/1973، واختير آنذاك مكان له في منطقة الحلبوني حديقة النعنع، ومن ثم تم نقله إلى منطقة البرامكة في العام 1982 ليتربع في منطقة داخل المدينة، وهي ما يحتاجه مركز سياحي بهذا الحجم، ومن المعروف أن مركز لبنان والأردن الموحد سمي بهذا الاسم ليوحد بين الخطوط ما بين دمشق من جهة ولبنان والأردن من جهة أخرى ليتولى نقل وسفر الركاب في سيارات سياحية مرخص لها بالعمل على هذه الخطوط تسّير من لجان الإشراف والنقل، وازدهر العمل بهذا المركز لحين صدور قرار عن محافظة دمشق بنقل المركز إلى منطقة السومرية، حيث تم نقل المركز بتاريخ 1/7/2007، وتم تخصيص مركز الانطلاق على شكل كتلتين (ب) و(د) بموجب قرار المكتب التنفيذي رقم /659/ تاريخ 17/6/2007، وهاتين الكتلتين تقعان في آخر المركز، وتبعدان عن الباب الرئيسي للمركز أكثر من 500 متر، وقد أدى هذا الوضع إلى انعدام الفعالية تماماً، والسؤال هنا هو: كيف تمت عملية اختيار مكان المركز الذي يبعد عن مركز المدينة حوالي خمسة عشر كيلو متراً؟ وهل تمت مراعاة مصلحة المواطنين الذين يرغبون بالسفر من دمشق إلى لبنان والأردن، ولا سيما أن معظم المسافرين من السياح العرب القاصدين السفر من المركز؟ إن هذا يتطلب من المسافرين أعباء إضافية لعملية التنقل من وإلى المركز من أجور مواصلات، وما شابه ذلك، أي إن كل هذه الأمور جعلت المواطن المسافر يبحث عن طرق أسهل من أجل السفر، مما نتج عن هذا الوضع إحداث فوضى للنقل الخارجي ضمن المدينة وبالطرق الملتوية.

مراكز شبه سياحية
بالإضافة إلى تواجد عدد من المكاتب في منطقة السيدة زينب تقوم بتسفير الركاب إلى لبنان بواسطة ميكروباصات سياحية مرخص لها بالعمل لنقل كروبات سياحية، وأخرى تحمل لوحة محافظة «السويداء» لكنها تقوم بنقل الركاب بشكل منظم ما بين دمشق والدول المجاورة.
أما مركز انطلاق الشمال بمنطقة القابون محطة وصول البولمانات القادمة من المحافظات الشمالية أصبح أرض خصبة لتحميل الركاب في ميكروباصات مسجلة في محافظة «السويداء» أيضاً، وأصحاب هذه الميكروباصات من سكان مدينة دمشق، وعدد كبير من السيارات السياحية ذات اللوحة الزرقاء المرخص لها بالعمل لخدمة الكروبات السياحية، حيث قام أصحاب هذه الشركات ببيع سياراتهم لبعض السائقين المعروفين لدى جهات مختصة يحملون الركاب من المركز المذكور عن طريق سماسرة موجودين هناك عبر هذه الآليات لقاء منفعة مادية متفق عليها بين الطرفين، إضافة إلى ميكروباصات لبنانية عامة وخاصة، وبعض أرقام هذه الميكروباصات موجودة لدينا لمن يريدها للتحقيق باستثناء الفاسدين في المحافظة هؤلاء المشتركين معهم في تقسيم «الغلة».

 

المقترحات لا بد منها
اللجان النقابية وبالتعاون مع مكتب نقابة عمال النقل البري قدمت مقترحات هامة لإيجاد حل للمشاكل التي يعانيها المواطن تارة من أصحاب السيارات وأخرى من السماسرة ومنها:

1)إعادة مركز انطلاق السيارات الصغيرة إلى موقعه السابق في المركز، ونقل أحد أجهزة التفتيش الآلي الثلاثة المتواجدة أمام صالة التفتيش الحالية إلى مدخل المركز مباشرة، والسماح للسيارات العامة والخاصة الناقلة للركاب للوصول إلى مدخل المركز.
2) فصل مسار السيارات الصغيرة العاملة بالنقل الخارجي عن مسار البولمانات العاملة بالنقل الخارجي لأنه لا يجوز الجمع بين الطرفين في مركز واحد.
3) مراقبة مركز انطلاق الشمال بالقابون، وحجز كل آلية تضبط بتحميل الركاب في المركز المذكور بطريقة غير شرعية.
4) مراقبة اتوتستراد درعا في منطقة نهر عيشة مكان تواجد المكاتب التي تقوم بنقل الركاب إلى الأردن، والعمل على إغلاقها نهائياً، وحجز كل آلية سورية أو أردنية غير مسجلة بمركز الانطلاق متواجدة في المكان المذكور.
5) تشديد الرقابة على السيارات الخاصة اللبنانية والأردنية التي تنقل ركاب بالأجرة بين بلدانها ودمشق وتطبيق اشد العقوبة على كل من يضبط بتحميل الركاب.
6) مراقبة الطريق الواصل من نهاية أتوتستراد المزة وصولاً لمركز انطلاق السومرية، لمنع السائقين غير مسجلين بالمركز من سرقة الركاب القاصدين المركز للسفر منه.
7) تسهيل عملية دخول السيارات المحملة بالركاب للمركز بقصد قطع تذكرة الانطلاق.
8) تفعيل اللجنة المشكلة بقرار من المحافظ لقمع المخالفات المتعلقة بتطبيق الركاب من خارج مركز الانطلاق.

هذا ولن نتحدث عن إقتطاع رشاوى كرسوم إجبارية لتوقيع تخريج دفاترالسيارات أومعاملة رجال الشرطة ومعاملتهم للركاب عند المغادرة والقدوم وانشغالهم عن تسيير أمور ختم  ومراقبة بطاقات المسافرين المجهدين

 

ياغي: ابتزاز فاصطياد ومن ثم استغلال
زكريا ياغي رئيس مكتب نقابة عمال النقل البري أكد لـ«قاسيون» أن ما يجري في كراج السومرية يمكن تلخيصه بثلاث كلمات (سماسرة، ابتزاز، اصطياد).
وقال ياغي: إن الواقع الحالي للمركز هو اصطياد المسافرين والاشتراط غير المبرر من السائقين والمتواطئين معهم على المواطن، مما يعني إصرار هؤلاء على ابتزاز المسافرين والهدف امتصاص أموالهم لاسيما الذي يغادر القطر لأول مرة، حيث يكون ضحية سهلة الاصطياد، وللأسف نقولها بصراحة إن السبب الأساسي لكل هذه السلبيات الرشوة والاستغلال.
وختم ياغي في تصريحه قائلاً: إن لم يكن هناك إجراءات حاسمة من الجهات المختصة للقضاء على كل هذه المظاهر السلبية، سيبقى الفساد والرشوة مستشريين في هذا المركز، وعلى المحافظة الأخذ بالمقترحات التي قدمناها وإلا ستبقى المشكلة قائمة، وعلى جميع القائمين على المركز تحمل مسؤولياتهم في العمل بالقانون ومخالفة كل متجاوز، لا العمل على قاعدة «الخيار والفقوس»، ومحاسبة كل المسيئين وخاصة المراقبين على عملية الدخول والخروج عند بوابة المركز.
أخيرا لا بد من القول إن احترام المواطن والزائر لبلدنا يتطلب الارتقاء في جميع المجالات وخاصة السياحية منها، وإلا سنبقى في ذيل الدول الجاذبة للسياحة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
542