الدولة تأكل أبناءها باسم القانون
يقول الشاعر:
اصبر لجهلك أن جفوت معلماً واصبر لدائك إن جفوت طبيبا
فكم هي كثيرة الأمراض والأوبئة التي يعاني منها شعبنا ابتداء من داء الفساد والبيروقراطية والعوز المادي وانخفاض مستوى المعيشة والتخريب المتعمد للقطاع العام، والنهب الفاحش الذي تمارسه أوساط متنفذة واسعة من البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية والكثير الكثير غيره.
في هذا الوقت وفي هذه الظروف أرسلت وزارة الصحة إلى مديريات الصحة في كل المحافظات تعميماً تطلب فيه من كل الأطباء الأخصائيين والعامين وأطباء الأسنان والصيادلة والقابلات وغيرهم الكثير
بالمبادرة وبسرعة لدفع مبلغ 10000 ل.س فقط لا غير إلى وزارة المالية وذلك كرسم طابع عن ترخيص مزاولة المهنة
بمفعول رجعي ابتداء من عام 1993 أي منذ عشر سنوات سابقة فقط لاغير.
رغم أن وزارة الصحة، تعلمنا في بلاغها بأنها بذلت جهوداً مشكورة لوقف هذا الرسم الذي يتنافى مع المبدأ الأساسي لفرض أي ضريبة مباشرة أو غير مباشرة يجب أن تكون عادلة وأن هذه القفزة النوعية لرسم الطابع لا يحقق مبدأ العدالة الضريبية،ونكون قد أخرجنا الصفة الإنسانية لهذه المهنة وليس له علاقة بالتجارة.
هذا القرار المجحف يشمل عشرات الآلاف من الناس الذين هم بأمس الحاجة إلى هذا المبلغ وهذا يتنافى مع كل ما يقال عن النية في تحسين مستوى الناس المادي والمعاشي.
إلى متى سيبقى القول عندنا يتنافى ويتعارض مع الفعل؟ متى تنتهي هذه المهزلة؟
إن أخطر مافي الأمر أن تتحول الدولة إلى تاجر جشع ينطبق عليه قول الشاعر:
هو تاجر أدنى وأبخس سلعة وجدانه يعطيه لا يتلعثم
حتى دموع البائسين شهية في عينه قد كان فيها البلسم
والله يستر من الأعظم!!.
■ د. محمد الصالح ـ حماة