فساد مياه دير الزور.. سري للغاية!؟ 

مع اتساع وزيادة الخطوات العملية نحو اقتصاد السوق الليبرالي وعلاقاته، وضعف المحاسبة المتزايد، ازداد الفساد واتسع حجمه وتعددت أشكاله وأصبح يشكل خطراً كبيراً على المجتمع والدولة، وبخاصة الكبير منه، وإذا قيض لبعض الشرفاء كشف بعض حالات الفساد، فإن قسماً مهماً منها يجري التستر عليه ويبقى حبيس الأدراج، أو يذهب بعض الصغار المتورطين أو غير المتورطين قرابين للكبار، والأسوأ أن بعض الفاسدين الكبار يعاد تكليفهم بمهام وأعمال أخرى مفصلية، رغم توصيات وقرارات الجهات التفتيشية والرقابية بمعاقبتهم ومنعهم من ممارسة مهام عملية أو إدارية أخرى..

وهناك عشرات الملفات، إذا لم نقل المئات طويت، أو جرى التكتم عليها ، أو أُهملت، عدا الفساد الذي أصبح يمارس جهاراً نهاراً !؟ 

وسبق أن أشرنا في قاسيون إلى بعض الحالات الناشزة، كقسائم المازوت في (عقر مبنى محافظة دير الزور) أيام المحافظ السابق والتي وصلت المبالغ المنهوبة التي كشفت فقط إلى أكثر من 350 مليون ليرة، وكذلك ما جرى في مؤسسة مياه دير الزور حيث وصل النهب إلى ضعف المبلغ المنهوب في المحافظة، وهذا كله دفع ثمنه الناس، إذ انعكست عمليات النهب سلباً على المواطنين بشكل مباشر من خلال سوء التنفيذ للمشاريع المائية الذي أدى إلى حرمانهم من المياه أو قلتها، والأخطر تلوثها، ما سبب انتشار أمراض خطيرة كالتهاب الكبد الوبائي والكوليرا والفشل الكلوي واللاشمانيا أو (حبة حلب)، وغيرها ... وحال مؤسسة المياه هي حال أغلب دوائر ومؤسسات الدولة في مختلف المحافظات! 

مياه دير الزور.. الفساد مستمر

وتحت عنوان (سري)، وصل إلينا مؤخراً كتاب موجّه من محافظ دير الزور إلى مدير عام مياه الشرب والصرف الصحي بدير الزور، يحمل الرقم 2274/ س ف وتاريخ 25/8/2009، يتضمن إشارة إلى أربعة كتب سابقة من رئاسة مجلس الوزراء أولها بتاريخ 19/10/2005، وآخرها في 21/7/2007، ويتركز حول استئصال الفساد وكشفه واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة، وإشارة إلى ثلاثة كتب من قيادة فرع البعث بدير الزور، بتاريخ 13/7 و30/7 /2009 والأخير بتاريخ 6/8/2009 وكلها حول الإساءات والمخالفات المنسوبة إلى العاملين في مؤسسة المياه، وهم:

- دحام الخليفة: رئيس اللجنة النقابية .

- أحمد الصالح: رئيس المرآب .

- حسام البردي: رئيس الدائرة القانونية والإدارية .

- راغب الملحم: رئيس الرقابة الداخلية.

وقد ختم الكتاب بعبارة: «للاطلاع واتخاذ الإجراءات اللازمة بالنقل أو الصرف من الخدمة، وذلك بالتنسيق مع وزير الإسكان والتعمير، وإعلامنا وقيادة فرع البعث أصولاً وبالسرعة الكلية».

ورغم  أنّ الكتاب لم يبين ماهية الإساءات وحجمها، وكذلك لم يظهر المواقع التي يشغلها هؤلاء، إلا أنه يشير صراحة إلى تفاقم الفساد وتغلغله الكبير، وهذا كله على مستوى مؤسسة واحدة. وهذا يدل على أن للفساد حُماته، ومن المؤكد أيضاً أنه لم يجر اختيار هؤلاء والذين في عقر المحافظة لهذه المناصب على أساس الكفاءة!؟

إننا نتوجه إلى المسؤولين الشرفاء الكبار في المحافظة وعلى مستوى الوطن لمتابعة ملفات الفساد والفاسدين مباشرةً، ومحاسبة كلّ متهاون أو متستر، وعدم الاقتصار على توجيه الكتب. ونود أن نذكّر محافظ دير الزور وغيره من المسؤولين في المحافظة أن هناك قرارات بحقّ آخرين لم تنفذ، كمدير دائرة أملاك الدولة في مديرية الزراعة وسواه كثر، فكم من قرار وكم من لجنة شُكلت لبحث وضع الفلاحين المنتفعين في قرية المريعية التابعة لناحية موحسن وتجاوز شركة نماء للهندسة الزراعية المدعومة على أراضيهم، وكم من قرار ولجنة شُكلت أيضاً لإعادة أراضي المنتفعين في قرية سعلو ممن استولوا عليها عنوةً، مع التنويه إلى التغاضي على التعدي على مضمار الخيول وتوابعه المخصص بقرار من وزير الزراعة، وكيف قام مجلس مدينة ببيع 120 دونماً منها بسعر زهيد لأحمد الدهموش بحجة إقامة مشروع خيري، على هذه المساحة الكبيرة... وما من إجراء تنفيذي رادع ولا من يحزنون!؟ بل إن بعض هذه اللجان حدد لها ثلاثة أيام للقيام بعملها ولم ينجز منها شيء رغم مرور شهور عليها، بينما يجري هدم مساكن الفلاحين الذين هجروا أرضهم نتيجة الجفاف بالسرعة القصوى، فلماذا لا تجري محاسبة الفاسدين وتعريتهم مباشرة وعلناً حتى يكونوا عبرة لغيرهم، والكبار منهم قبل الصغار؟ أليس من المفترض والواجب أن تكون كرامة الوطن والمواطن فوق كلّ اعتبار؟.

 

■ زهير مشعان