هل يضيع محصول القطن كما ضاع القمح؟
لم يترك الفلاح طوال الأيام المنصرمة صيدلية زراعية أو خبرة أو مشورة تعتب عليه، في محاولات مستمرة منه لينقذ محصول قطنه الذي هاجمته جيوش الحشرات.. ولكن مؤخراً تقطعت به السبل وضاقت الوسيلة به بعد أن فقد الأمل من مغيث ينجده.. يحدث معه هذا ولا تزال آثار طعنات حراب الماضي في جسده مما حصل له من محصول القمح العام الفائت والحالي، حيث أن وزارة الزراعة آنذاك لم تقم بأداء الدور المطلوب، وبالنتيجة فقد وقعت الأضرار والخسائر على رأسه وحده لا شريك له. والآن جاء دور محصول القطن وما يتبعه من أسمدة وفلاحات ومبيدات وأسعار محروقات وغيرها.. ولكن الأعظم آفة اللوز الحشرية، وارتفاع درجات الحرارة التي أصابته من بداية أول طور ولا تزال بارتفاع إلى الآن.
والمدهش أن وزارة الزراعة أفاقت أخيراً على صراخ الفلاحين وعلى نداءات منظماتهم ومن يساعدهم من الشرفاء والغيورين على مصلحة الوطن الغالي والعزيز، ولكن مجيئها كان متأخراً، وربما كرفع عتب لكي لا يقول أحد إنها اكتفت بالرثاء سيراً على سنة الشعراء الجاهليين في (الوقوف على الأطلال)، وربما لتقف وتشاهد وتودع بالأسى أكبر المحاصيل الإستراتيجية في البلاد، ولتؤكد أن الجاني مجهول والضحية هو البائس الفقير الفلاح.. أو ربما.. لتذرف دموع التماسيح.
لقد أخليت الصيدليات الزراعية تقريباً من المبيدات الحشرية، ومعظمها فاسد وغير صالح، وتباع بأسعار فاحشة ودون رقيب أو حسيب من التجار والسماسرة ومن لف لفيفهم، الذين تفتح لهم الصدور وتسهل لهم المعاملات ويرخص أمامهم الغالي والثمين .
من جانب آخر لا تزال وزارة الزراعة متمسكة بالعتبة الاقتصادية وكأنها قدس الأقداس، مع العلم أن بعض الفلاحين قاموا بعملية تضمين حقولهم للمواشي بسبب دودة اللوز ودرجات الحرارة.
فهنا نقول أين دور الإرشاد الزراعي من هذه الجائحة في الكشف والتحري؟ أين دور مديرية ومؤسسة إكثار البذار لاستنباط أصناف محسنة ومقاومة؟ وأين دور دوائر الوقاية في الوزارة وفي مديرياتها لمتابعة عملها؟ فهل نقف ونتفرج.. مع العلم أن كل وسائل الخدمة مؤمنة من مبيدات ومرشات وسيارات بجميع الأنواع وآليات خدمة، فعلى من تقع المسؤولية؟؟
وآخر التساؤلات: هل ستقوم المنظمات الشعبية بدورها في الدفاع عمّا يعانيه العمال والفلاحون وسائر الكادحين، ليس بالمطالبات الكتابية والشفهية وإنما بخطوات عملية كالاعتصام والاحتجاج والتظاهر وحتى الإضراب، لوقف التدهور والانهيار وإجبار الحكومة أن تقوم بدورها وواجبها، وهي خطوات وحقوق يكفلها الدستور.. أم ستبقى الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ حتى يقضي الفاسدون على كل شيء؟؟..!!
مراسل قاسيون محمد الفياض - الرقة