وضاح عزام وضاح عزام

«الحراك» و«المليحة الغربية» مهددتان بالحرق.. والسبب... القمامة!

لا تزال الشعارات التي يتفوّه بها بعض المعنيين بحماية البيئة غنية بمعانيها رنانة بكلماتها، يعقدون حولها المؤتمرات والندوات، وتشكَّل الجمعيات للبيئة وأصدقائها، وفي الوقت ذاته ننسى أو نتناسى أحد عناصر هذه التي نسميها البيئة، وهو المواطن، الإنسان الذي يؤثر ويتأثر بالبيئة، وأن المجتمعات البشرية عموماً لها من المخلفات ما يغطي الأرض فتُطرح حينئذ مشكلة تصريف المخلفات.

هذا بالعموم، أما بالتخصيص، فيا أيها الذاهب إلى بلدة الحراك أو قرية المليحة الغربية في محافظة درعا احذر، فالطريق محفوفة بالقمامة وأودية الصرف الصحي.

أخبرنا أحد سكان قرية الحراك وهو المواطن قاسم محمد الغوطاني: «أن مكب النفايات الذي يبعد عن بيته نحو 200م، هو في أرض تتبع لأملاك الدولة في قرية المليحة الغربية، ومؤجَّر لبلدية الحراك منذ حوالي 15 سنة، وعلى مدار هذه السنوات والقمامة ترمى بهذا المكب المكشوف الذي تبلغ مساحته 30 دونماً. وبعد التراكمات بدأت عمليات الحرق لضغط المكب كي يستمر بالاستيعاب. وبدأت مشكلة الدخان المتصاعد فقلنا إنها مشكلة بسيطة، ولكننا اكتشفنا بعد حين أن الأراضي حول المكب والتي هي ملك للأهالي أصبحت مهددة بالحرق. اقتحمت بيوتنا الأمراض بسبب الدخان الذي سبب حالات ربو تحسسي عند الأطفال، فأصبحنا لا نفارق عيادات الطبيب. ثم أضيف إلى المشكلة منذ 6 سنوات مشروع تمديد خط الصرف الصحي على واد جاف يمر بين القريتين، فحدِّث ولا حرج عن المستنقعات وحشراتها، وعن القوارض والآفات التي تلاحقها، ناهيك عن انتشار ظاهرة الكلاب المسعورة».

توقفنا عن البحث في الحراك، وتوجهنا إلى المليحة الغربية، بناء على شكوى من أهاليها المتضررين من المكب رغم بعده عنهم أكثر من أهالي الحراك أنفسهم. فأراضيهم  الزراعية التي تحيط بالمكب تزيد مساحتها عن 200 دونم، يُزرع بعضها الذي لا يقع شرق المكب، لأنه سيصبح تحت تهديد الريح التي قد تشعله في أية لحظة، فيذهب الموسم أدراج رياح النار.

وقال الأهالي إن الأراضي المزروعة على جنبات المكب لم تسلم من التهديد أيضاً، فتوقفوا عن زراعتها حتى لا يتعرضوا لخسارة هم بالغنى عن الوقوع فيها. ناهيك عن أن الرياح تحمل معها الدخان الذي أصاب الأطفال بحالات ربو تحسسية، وأصبحوا يأخذونهم إلى الطبيب في فترات متقاربة.

يضيف الأهالي: «ليس المكب وحده هو المشكلة، بل الأخطر أيضاً وادي الصرف الصحي الذي يمر من الجهة الغربية للقرية ونحن قبل عام 2004 كنا نحفر الجور الفنية للمنازل فأخبرونا أن هناك مشروعاً حضارياً للصرف الصحي فاشتركنا به، لنُفاجأ لاحقاً أن خط الصرف الصحي في قريتنا لم يربط مع خط الصرف الصحي في قرية الحراك، بل على العكس فُتح الاثنان على الوادي فتشكلت المستنقعات غرب القرية وأصبح الهواء الغربي مقرفاً وانتشرت القوارض. إذ لا يكفي محاصيلنا تهديد النار من المكب، أضيف إليها القوارض والرائحة والحشرات التي ملأت جو القريتين، وقد قمنا نحن وأهالي الحراك بتقديم شكوى للبلديتين، كل من مكانه، أكثر من مرة دون جدوى».

ولكي لا نظلم أحداً قلنا لن نقوم بالحكم حتى نسمع الطرفين. وللأسف رفضت بلدية الحراك حتى التلميح إلى المشكلة. وفي مجلس قرية المليحة الغربية حدثنا رئيس المجلس عن مشكلة الوادي فقط  فقال: «إن مشروع الصرف الصحي كان قد تقرر تنفيذه على ألا يتم الاشتراك المادي من الأهالي، إلا أن الاشتراك تم ولا نعرف السبب، وكان من المفروض أن يتم ربط القريتين مع شبكة الصرف الصحي التي تصب بالمزيريب عند محطة المعالجة، وأيضاًُ لم يتم الربط ولا نعرف السبب، فرفعنا كتاباً للمحافظة بهذا الخصوص».

هنا سألناه إن كان باستطاعتنا الحصول على صورة من الكتاب. فانتبه إلى أن هناك، على حد قوله، تعميم من المحافظة بعدم إعطاء معلومات من قبل المجالس البلدية للصحافة إلا بموافقة المحافظة، وأنه إذا نشر هذا الكلام سيتعرض للمساءلة، ووعدنا أن يعطينا المعلومات بعد أن يسأل المحافظة رأيها. ونحن الآن بالانتظار.

إننا نطالب لجان حماية البيئة بحلول جدية من أجل حماية البيئة والإنسان معاً، لأن المسؤولين في القريتين المذكورتين تعاقبوا على رئاسة البلديات، ورأوا الحال فتركوه كما هو، لم يحركوا ساكناً ولم يطلبوا من مسؤول مساعدة. فيا أيها المسؤولون لو أن نهر الصرف الصحي هذا تحت منازلكم، هل كنتم ستسكتون؟ نريد جواباً نراه لا نسمعه.