هدر المياه في المنطقة الشرقية..
أنشئت في سبعينيات القرن الماضي بعد بناء سد الفرات بمساعدة السوفييت، مشاريع زراعية ضخمة ومزارع للدولة على ضفتي النهر، ومنها المشروع الرائد الذي تبلغ مساحته /15000/ هكتار، ومشاريع بئر الهشم والبليغ ومسكنة غرب وغيرها.. وأغلبها تسقى بالراحة من بحيرة السد، وفي محافظة الرقة يُروى حوالي /105/ ألف هكتار بكميات مياه تقارب /1،9/ مليار متر مكعب سنوياً، وذلك بشبكات ري وصرف اعتبرت متطورةً آنذاك بأيادٍ وطنية ونظيفة..
واليوم بعد حلّ مزارع الدولة، في خطوة تعد من الخطوات السيئة زراعياً، باتت هذه المشاريع تحتاج إلى التطوير والتحديث بسبب الفساد والنهب والهدر في الطاقات والثروات، وخاصةً الثروة المائية، في الوقت التي تُشن الحروب من أجلها على مستوى العالم، حيث أنّ الأمن المائي والأمن الغذائي هما من الأمن الوطني، ونحن بحاجةً لهما من أجل استمرار صمود الوطن..
في هذه المشاريع المهمة تعاني اليوم السواقي والأقنية الرئيسة والمجمعة الاسمنتية فيها من الكسور وتسرب المياه، ناهيك عن المراوي الترابية، أما عمليات الصرف فحدث ولا حرج.. ويضاف إليها الاختناقات وقلة المياه وانخفاض منسوبها، وخاصة في فترة تداخل المحاصيل الزراعية، وهذا يتطلب ضخ كميات أكثر وصرف مزيد من الطاقة الكهربائية، والتوقف عن الري بالطرق التقليدية القديمة، والبدء باعتماد طرق الري الحديثة عبر المرشات أو التنقيط وغيرها، فهذا سيكون له نتائج إيجابية عملية منها:
- استخدام كميات تقارب النصف، والتخلص من الهدر المائي، واستخدام الفائض في مشاريع جديدة.
- المحافظة على خصوبة التربة والتحكم بعدد الريات لإعطاء النباتات الكميات التي تحتاجها فعلياً.
- التخلص من الأعشاب الضارة بالاستخدام العلمي للمبيدات، مما يخفف نسب التلوث بأنواعه.
كما سيساهم ذلك في زيادة الإنتاج وتنمية الاقتصاد الوطني وتحسن المستوى المعيشي للفلاحين وللمواطنين عموماً، فرغم كل ما يقال حول تشجيع وزارتي الري والزراعة الفلاحين لاعتماد طرق الري الحديثة، إلاّ أنّ كل ذلك لم يرتق إلى مستوى هذه المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى جهود تقوم بها الدولة وفق خطط مدروسة وواضحة وعلمية، بدل التخبط العشوائي الحالي والعراقيل الكبيرة التي تعيق الفلاحين، وما يتعرضون له من جشع واستغلال من الشركات الخاصة..!!
إنّ تحقيق ذلك ليس صعباً، ومن يدفع باتجاه الخصخصة واللبرلة عموماً في كل شيء، إنما يسعى لإضعاف منعة الوطن، وبالتالي سيسهل أخذه من الداخل عبر قوى الفساد والخصخصة .
■ الرقة - محمد الفياض