خطوة نحو التوجه شرقاً مشروع اتفاقية التجارة الحرة بين سورية و روسيا ـ بيلاروسيا ـ كازاخستان
في إطار سياسة برمجة الاقتصاد السوري للتوافق مع عملية الدخول في الشراكة الاوربية المتوسطية، دأبت الحكومات السابقه على عرقلة الدخول في أية تكتلات اقتصادية أخرى، أو على الاقل المماطلة والتسويف في ذلك ومنها اتفاقية التجارة الحرة بين سورية روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان، وجاءت الأزمة الراهنة لتكشف من جملة ما كشفت عنه أوهام القوى التي راهنت على إمكانية الاستفادة من أية اتفاقات مع الغرب الاوربي الرأسمالي ولتفتح الباب موضوعياً للدخول في شراكات جديده وفي هذا السياق ووفقاً لمصادر مطلعة، انتهت الحكومة مؤخراً من إعداد مسودة مشروع اتفاقية التجارة الحرة مع دول الاتحاد الجمركي (روسيا- كازاخستان ـ بيلاروسيا) وذلك لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين سورية والدول المذكورة ضمن إطار تطوير التعاون المشترك.
وبحسب هذه المصادر، قامت الحكومة بتكليف هيئة التخطيط والتعاون الدولي بتشكيل لجنة برئاسة رئيس الهيئة وعضوية ممثلين عن كل من وزارة الخارجية والمغتربين والمالية ممثلة بالمديرية العامة للجمارك والاقتصاد وحاكم مصرف سورية المركزي، لمتابعة التفاوض مع دول الاتحاد الجمركي لاستكمال عملية انضمام سورية إلى اتفاقية الاتحاد الجمركي الموقع بين (روسيا- كازاخستان ـ بيلاروسيا).
وفي السياق ذاته أكدت هيئة التخطيط والتعاون الدولي على اللجنة المكلفة بمتابعة التفاوض بضرورة تحديد أسلوب التخفيض الجمركي الذي يمكن اعتماده في تحرير السلع المشمولة بالاتفاقية المذكورة وذلك بهدف بناء الموقف التفاوضي الواضح مع دول الاتحاد الجمركي بما يحقق المصلحة الوطنية.
وأشارت هذه المصادر المطلعة إلى أنه تمت الموافقة على اعتماد رأي مصرف سورية المركزي بشأن الآلية التي يجب إتباعها عند تحويل الدفعات المتعلقة بتجارة السلع بين الأطراف عند توقيع اتفاقية التجارة الحرة، بأن يتم تحويل جميع الدفعات بموجب هذه الاتفاقية وفق آلية دفع بالعملات المحلية للبلدان المشتركة في الاتفاقية مع التأكيد على وجود إمكانية للدفع بعملات حرة قابلة للتحويل في حال عدم إمكانية الدفع بالعملات المحلية.
في حين أكدت وزارة الصناعة ضرورة أن يكون التفاوض على أقصر فترة زمنية ممكنة وأقل معدل جمركي الأمر الذي يمكن أن يمنح الجانب السوري ميزة تفضيلية لتشجيع دخول منتجاتنا إلى أسواق دول الاتحاد الجمركي وبالتالي فإن الإلغاء المباشر للرسوم الجمركية المفروضة على واردات الاتحاد الجمركي إلى سورية من المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج والقطع المفككة والمكونات الداخلة في صناعتنا التي ليس لها إنتاج محلي مماثل لها الأمر الذي من شأنه أن يدعم الصناعة المحلية ويعمل على تخفيض تكاليفها وتعزيز تنافسيتها.
وذكرت المصادر أيضاً في هذا الصدد، بأن مشروع الاتفاقية المشار إليه بيّن أنه لن تطبق الأطراف المتعاقدة أي ضرائب أو أعباء ذات أثر مماثل للرسوم الجمركية المفروضة على استيراد السلع المنشأة في أراضي أي من الأطراف المتعاقدة الأخرى وبموجب إنشاء منطقة تجارة حرة..
كما أن ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة القطع الأجنبي المفروضة وذات الصلة بتراخيص استيراد البضائع غير المغطاة بالضرائب والرسوم الأخرى التي لها تأثير مماثل للرسوم الجمركية سوف يتم تطبيقها على التجارة بين الأطراف المتعاقدة وفي الوقت ذاته لن تطبق أي رسوم جمركية جديدة أو أي ضرائب وأعباء أخرى ذات أثر مماثل على التجارة بين الدول مع التأكيد على إلغاء جميع القيود الكمية وإجراءات الحظر على الواردات والإجراءات ذات الأثر المماثل بين الأطراف المتعاقدة في حال دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
بدورها أوضحت وزارة الاقتصاد الآفاق المستقبلية لتقوية العلاقة مع دول الاتحاد الجمركي (روسيا- كازاخستان ـ بيلاروسيا) ذلك انطلاقاً من ضرورة التركيز على الجانب الاقتصادي والسعي جديا لتشكيل خلية أزمة اقتصادية مهمتها الأساسية سبر الأسواق الداخلية واحتياجاتها وتحديد مصادر تأمينها من الدول الصديقة ومن ثم ترتيب أولويات السلع حسب أهميتها بالنسبة للسلة السلعية للمستهلك والعمل على تحديد إمكانية مبادلة هذه الاحتياجات بمنتجات سورية وخاصة بعد معرفة التفاضل الكائن بين الإنتاج المحلي الداخلي ومتطلبات السوق الداخلية، وهذا يضمن لنا ترشيد المستوردات وزيادة الصادرات شرط ربط الخطة الإنتاجية مع التسويقية، والانتقال من الإنتاج الكمي إلى النوعي.
إضافة إلى التوجّه إلى زيادة الصادرات السورية إلى أسواق الدول الصديقة أو التي تم سبرها وخاصة أنه بعد تحليل نوعية صادراتنا إليها وجدنا أنه من الممكن تسويق المزيد منها، كما يمكن تأمين المستوردات ولاسيما قطع الإنتاج ومستلزماته، المازوت، القمح..الخ، وكمثال على ذلك يمكن تعميق العلاقات مع روسيا وخاصة في مجال (النفط ـ الغاز ـ الفوسفات ـ البنية التحتية ـ التعاون الفني...الخ).
وفي السياق ذاته اقترحت وزارة الاقتصاد جملة من القضايا لتفعيل العلاقات الاقتصادية السورية مع دول الاتحاد الجمركي تستدعي ضرورة استغلال كل الفرص المتاحة ولاسيما في ظل الحصار الاقتصادي المفروض من الخارج على سورية من قبل (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وبعض الدول العربية)، والعمل لإيجاد نوع من التوازن بين الكتلة النقدية والكتلة السلعية، ومعالجة الفجوة بين العرض والطلب، حتى لا تحصل الفجوة التسويقية، والتي تؤدي إلى زيادة الأسعار والعمل على إيجاد ديناميات للعمل بعيداً عن الروتين من أجل الإسراع في إنجاز هذه الخطوات في فترة قياسية نظراً لظروف الأزمة.
وأخيراً أوضحت هذه المصادر المطلعة أن الأهداف الأساسية لإقامة منطقة تجارة حرة بين سورية ودول الاتحاد الجمركي (روسيا- كازاخستان ـ بيلاروسيا) تهدف إلى زيادة تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية بينها، وصولاً لرفع مستويات المعيشة لشعوب البلدان الأربعة كخطوة أولى على طريق التوجّه شرقاً.