المحطات:  (بخير.. بس ما في طاقة)!

المحطات: (بخير.. بس ما في طاقة)!

تدهورت مختلف مجالات الخدمات في ظروف الأزمة، ولكن هل نستطيع أن نعد واحدة فقط من الخدمات العامة، التي عادت لتشهد تحسناً ولو طفيفاً على المستوى الكلي! لا يوجد.

الكهرباء تحديداً وقطاع الطاقة عموماً، هي واحدة من أكبر صدمات تدهور البنى التحتية، وأكثرها تأثيراً على الإنتاج السوري والحياة اليومية، والتي يبدو تحسين أوضاعها مستحيلاً، بل تتجه نحو الأسوأ عاماً بعد عام. ورغم يأس السوريين من إرادة وقدرة الحكومات المتتالية على تحقيق نقلة في خدمات الكهرباء، وتراجع في مستويات التقنين المفروض من عام 2012 وقبل التدهور الكبير في قطاع النفط! فإن الوجوه الحكومية التي تتحدث في هذا الملف من وزراء ورؤساء وزارات، لا يكلون ولا يملون من التأكيدات، والإشارات بأن العمل لتحسينها (جار على قدم وساق).. بينما النقلة الوحيدة التي حققتها إدارة الأزمة في ملف الكهرباء، هي إنهاء الدعم تقريباً في العام الحالي، بعد أن أصبح المبيع الوسطي للكيلو واط الساعي بأسعاره المختلفة، أعلى من التكلفة الوسطية.

المعطيات تبين بأن المحطات في سورية في عام 2015، بحالة جيدة، والظروف الأمنية المحيطة بأغلبها أيضاً جيدة نسبياً، بدليل أن المحطات بمجموعها لم تتوقف إلا لمدة أقل من شهر للطوارئ والصيانة. ولكنها توقفت شهرين (لعدم الحاجة) كما تصنف البيانات، الأمر الذي يعود غالباً إلى عدم توفير الوقود لها.

وهو ما يعيدنا إلى التساؤل:لماذا لم تستطع إدارة الأزمة الاقتصادية في سورية، أن تتوصل بعد خمسة أعوام، إلى استقرار في تدفق الطاقة، وتأمين الحاجات الضرورية للكهرباء على الأقل؟!

هل السبب هو التكاليف؟! كلا، فقطاع المحروقات أصبح رابحاً منذ العام الماضي، بعد أن رفع الدعم نهائياً، بالإضافة إلى وجود الخط الائتماني الإيراني منذ عام 2013، وتجديده، ما أمن تدفقاً مستمراً لنواقل نفط خام يتم تكريرها في المصافي السورية، ولكن لماذا لم تتوسع أو لم تستمر؟!

هل (الدول الصديقة لا تريد مساعدتنا اقتصادياً) كما يغمز بعض محللي الحكومة؟! لا شك أن كلاً من إيران وروسيا مستعدتين لتجاوز العقوبات الاقتصادية، بدليل مبادرتهما باتجاه الخطوط الائتمانية، وتحديداً في قطاع النفط، فالدولتان من أهم منتجي النفط عالمياً، ويشكل انخفاض السعر العالمي حافزاً لمساعدة السوريين؟! أما إذا كان السبب هو عدم سداد المستحقات المالية، فلماذا لم نصل إلى اتفاق نسدد من خلاله جزءاً من مستحقاتنا، ونوسع استيراد النفط الخام، طالما أن مبيعات قطاع المحروقات تشير إلى ربح بالقياس للتكاليف؟! وحتى لو كانت خاسرة، لماذا لم نخصص جزءاً من تمويل مستوردات القطاع الخاص، التي فاقت في عام واحد 980 مليون دولار، لتمويل جزء من حاجات الطاقة، أو لدعمها؟!

الجواب لدى الجهات المسؤولة عن تجارة النفط، واستيراد المحروقات في سورية قبل الأزمة وبعدها، والتي (اعتادت) على تأمين النفط بعقود قصيرة، ومن عرض البحر، ولم تلجأ إلى عقود طويلة الأجل ومستقرة مع الدول، أما لماذا، فقد نجد التفسير في حصة الفساد من الصفقات المتتالية لشراء باخرة فيول، وباخرة مازوت، وباخرة بنزين بين فترة وأخرى!